مجالات النشاط

• العلوم التجريبيّة والطبيّة

تعدّ أستاذة الطبّ عائشة بن زكور (حفصيّة) من رواد الأخصائيّين في أمراض الدم في تونس. وقد شغلت منصب رئيس قسم أمراض الدم بمستشفى عزيزة عثمانة وأسّست الجمعيّة التونسيّة لأمراض الدم والجمعيّة التونسيّة للهيموفيليا hémophilie) مرض سيولة الدم (وهي أيضًا مؤسسة مركز زراعة النخاع الشوكي وعضو مؤسّس لنقابة الأطباء والصيادلة الاستشفائين الجامعيّين.

تنتمي عائشة بن زكور، وهي من مواليد 21 جانفي 1940، إلى عائلة عريقة من الطبقة البرجوازية التونسيّة. كان والدها موظفًا حكوميًا في وزارة المالية. أكملت دراستها الابتدائية في المدرسة الفرنسيّة بشارع باب الجديد من سنة 1946 إلى سنة 1952 ثم زاولت دراستها الثانوية في معهد أرماند فاليير (Armand-Fallières) الذي يعرف اليوم بمعهد نهج روسيا حتى حصولها على شهادة  البكالوريا سنة 1959. وإنّ وراء علاقة عائشة بالطبّ زميل والدها، الذي جاء لتهنئته، فنصحه بتوجيه ابنته نحو الطبّ وقال له «إن بورقيبة يود أن تمارس المرأة التونسيّة هذا التخصّص وإنّ كليّة الطبّ ستفتح أبوابها خلال العام المقبل». هكذا سمح لها والدها بالتسجيل في معهد الدراسات العليا بتونس، حيث حصلت بعد سنة تحضيرية في الطبّ على شهادتها في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. لكن كلية الطبّ لم تفتح أبوابها. ومع ذلك، وبفضل عقليّة والدها المنفتح والمنحة الحكومية التي تحصلت عليها، تمكنت عائشة من السفر لمواصلة تعليمها العالي في فرنسا حيث تمّ قبولها في كليّة الطبّ بباريس فدرست العلوم الطبّية وناقشت بنجاح أطروحتها بعنوان «دراسة الكبد أثناء مرض هودجكين»(Etude du foie au cours de la maladie de Hodgkin)  في سنة 1969.

تأثّرت عائشة بن زكور خلال سنوات دراستها، بشكل كبير بالأستاذ جان برنارد  (Jean Bernard) الذي طالما وصفته بالمعلّم المتميّز والإنسان الاستثنائي، وكذلك بالأستاذ محمد بوسنّ الذي جعلها تهتمّ بأمراض الدم. هكذا أنهت دراستها في هذا التخصص في سنة 1970. (Mohamed Bargaoui : Médecine…)

ومن الجدير الاشادة بشجاعة هذه الشّابة التونسيّة التي ذهبت للدراسة في الخارج لتصبح أول امرأة أخصائية في مجال أمراض الدم في تونس.

في سنة 1971، تمّ تعيينها في خطّة طبيبة أخصّائية في مستشفى شارل نيكول. لكنّ هذا التعيين لم يستمرّ طويلاً إذ التحقت عائشة بن زكور بسرعة بالأستاذ محمد بوسن في مستشفى عزيزة عثمانة وأسّست معه أول قسم لأمراض الدم في تونس. وعلى الرغم من الحالة المتدهورة للمباني، فقد قادت معركة واسعة النطاق مع سلطة الإشراف إلى أن تمّ إنشاء مخابر تحليل حقيقية مجهزة بأحدث المعدات والأجهزة التي تسمح لها بمباشرة عملها ومتابعة المرضى في ظروف جيّدة.

ارتقت عائشة بن زكور في الرتب، من طبية أخصّائية في الصحة العامّة سنة 1971، إلى مساعدة بمستشفى جامعي سنة 1972، ثم أستاذة محاضرة مبرزة سنة 1977، وأخيرا أستاذة استشفائية جامعية  مبرزة سنة 1982. ولم تمنعها مهمتها الإنسانيّة كطبيبة من الاضطلاع بعمل إداري كمديرة قسم بكليّة الطبّ بتونس، ورئيسة المجلس الصحّي لمستشفى عزيزة عثمانة، ورئيسة اللجنة الفنّية للأدوية بوزارة الصّحة العموميّة. وبعد رحيل الأستاذ محمد بوسنّ، أصبحت عائشة رئيسة قسم أمراض الدم بمستشفى عزيزة عثمانة.

أسّست عائشة بن زكور الجمعيّة التونسيّة للأشخاص المصابين بالهيموفيليا (ATH) قبل أن تصبح الرئيس الفخري لها وعضوًا في الاتحاد العالمي للأشخاص المصابين بالهيموفيليا (FMH)  كما شاركت في إبرام توأمة مع قسم الاتحاد العالمي للأشخاص المصابين بالهيموفيليا بكيبيك (Section Québec de la FMH)  في فيفري سنة 2005. وهي أيضًا عضو مؤسّس للجمعيّة التونسيّة لأمراض الدم وعضو في الجمعية الفرنسية لأمراض الدم  ومؤسسة مركز زراعة النخاع الشوكي.

كانت عائشة بن زكور ناشطة نقابية داخل الاتحاد العام لطلبة تونس منذ سنوات دراستها الجامعيّة، وكانت أيضًا عضوًا مؤسسًا لاتحاد أطباء وصيادلة المستشفيات الجامعية.

ومن خلال انضمامها إلى هذه الجمعيّات المتعددة، تعتبر الأستاذة عائشة بن زكور حفصية نفسها قبل كل شيء امرأة عملية وميدانية دافعها الوحيد في عملها هو إنسانيتها. وهذا ما تؤكده شهادة البعض من طلابها ومرضاها الذين يصفونها بأنها طبيبة ذات كفاءة عالية، وامرأة ذات قلب من ذهب، تتمتع بحس أخلاقي غير عادي، ولطف وأدب لا يمكن لأحد تجاهلهما، كما يلقبونها بالمرأة ذات الحسّ المرهف المتحمّسة والدافئة. وهي في الواقع امرأة لطيفة للغاية، بالإضافة إلى صفاتها الإنسانيّة الكبيرة، وتطوّرها وسخاؤها الدائم، وحماسها اللامحدود ... وقبل كل شيء تواضعها! (شهادة السيدة ناجية ڤريشي أمين صندوق الجمعية التونسية للهيموفيليا).

وقد تقاعدت عائشة بن زكور سنة 2005 قبل أن يقنعها زوجها وأولادها بفتح عيادة خاصة. هكذا تمكنت من تكريس المزيد من الوقت لعائلتها وخاصة أحفادها واستمرت في رعاية مرضاها وخاصّة المصابين بالهيموفيليا.

توفّيت عائشة بن زكور يوم 21 جويلية سنة 2016 وبذلك يكون ميدان الطبّ في تونس قد فَقَدَ إحدى رائداته المرموقات.

قائمة مؤلفاتها

كتبت عائشة بن زكور ونشرت أكثر من خمسين مقالاً طبّياً في مجال أمراض الدم في العديد من المجلاّت الطبّية التونسيّة والفرنسيّة والدوليّة لعل من أهمّها:

1. Haemophilia A in a girl with deletion of a part of the long arm of one X chromosome (author’s transl) ; Pathol Biol (Paris), 25 Suppl: 10-7, 1977 Dec.

(عمل مشترك).

2.Congenital cyanosis due to methemoglobin reductase deficiency: first reported Tunisian case ; Nouv Rev Fr Hematol., 31(5):371-3, 1989

(عمل مشترك).

3. Management of severe thrombopenia in pregnancies and labor. Report of 14 cases and review of the literature ; Tunis Med. 82(10):941-6, 2004 Oct

(عمل مشترك).

4. Blood-transmitted viral infections among haemophiliacs in Tunisia ; Transfus Clin Biol., 12(4):301-5 2005 Oct

(عمل مشترك).

5.Detection of serum hemolysins in autoimmune hemolytic anemia ; Transfus Clin Biol., 13(6):341-5. 2006 Dec

(عمل مشترك).

6.Megaloblastic anemia in North Africa ; Haematologica, 91(7): 990-1. 2006 Jul.

(عمل مشترك).

7. Hemoglobin O Arab: about 20 cases ; Tunis Med.; 85 (8):637-40, 2007

(عمل مشترك)

8. Identification of new markers discriminating between myeloid and lymphoid acute leukemia ; Hematology, 15(4):193-203. 2010 Aug

(عمل مشترك).

9. A retrospective study of leukemia epidemiology in Northern Tunisia.; Hematology, 16:3, 151-154,

(عمل مشترك).

سميرة العشّي (السّميطي)