هي أسماء بنت أسد بن الفرات(142هـ/759م-213هـ/828م) المعطيات عنها شحيحة. والذين ترجموا لها من القدامى هم في الأغلب عالة على ما ذكره ابن فرحون المالكي في الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب المالكي. فقد ترجم لها في معرض ترجمته لوالدها أسد بن الفرات (المصدر المذكور، 2 ج. تح محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة: دار التراث للطبع والنشر، ص.305-306).
كما ترجم لها من المعاصرين حسن حسني عبد الوهاب في كتابه شهيرات التونسيات ضمن النساء اللواتي برزن في العهد الأغلبي ترجمة ظلّت هي المتداولة عند كلّ من تعرّضوا لترجمتها في العصر الحديث من أمثال محمد رمضان يوسف خير (فقيهات عالمات. الرياض دار طويق للنشر والتوزيع 2019 ص 18) وناجية ثامر (أسماء بنت أسد بن الفرات. تونس الشركة التونسية للتوزيع. تونس - 1977) ومحمد التونجي في معجم أعلام النساء. (المرجع المذكور، دار العلم للملايين بييروت، 2001، ص 21).
ومما جاء في ترجمة حسن حسني عبد الوهاب:
«هي أسماء بنت أسد بن الفرات القيروانية.. ابنة عالم إفريقية وقاضيها، وصاحب الإمامين أبي يوسف ومالك بن أنس.
نشأت أسماء بين يدي أبيها - ولم يكن له سواها - فأحسن تهذيبها، وثقّف ذهنها علمًا وحكمة. وكانت تحضر مجالسه العلمية في داره، وتشارك في السؤال والمناظرة، حتّى اشتهرت بالفضيلة، ورواية الحديث، والفقه على رأي أهل العراق أصحاب أبي حنيفة.
ولما تقلّد أسد إمارة الجيش المعدّ لفتح جزيرة صقلّية على عهد زياد الأول، وهرع الناس لتشييعه، وقد نشرت البنود والألوية، وضربت الطبول.. خرجت أسماء لوداع أبيها، ووصلت معه إلى سوسة، وبقيت معه إلى أن ركبت الأجناد الأساطيل، وغادرت السفن المرسى باسم الله مجراها ومرساها.
وأتاح الله للقاضي الأمير أسد من النصر العزيز والفتح المبين في قلاع تلك الجزيرة وحصونها ما خلّد التاريخ ذكره.. واستشهد سنة 213هـ وهو محاصر لمدينة سرقوسة عاصمة الروم بصقلية، واللواء بيده اليسرى، والسيف مسلول باليمنى، وهو يتلو قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}.
وبعد وفاة أسد تزوّجت أسماء بأحد تلاميذ أبيها، وهو محمد بن أبي الجواد، الذي خلف أستاذه في خطة القضاء، وتولى رئاسة المشيخة الحنفية بالبلاد الإفريقية سنة 225 هـ. ثمّ تخلّى عن القضاء، ولحقته محنة من خليفته، فإنّه اتّهمه بمال الودائع، وسجنه! وبينما ابن أبي الجواد في حبسه إذ جاءت زوجه أسماء للقاضي الجديد وقالت له: أنا سأجعل هذا المال المزعوم يقضيه زوجي عن نفسه. فقال لها القاضي: إن أقرّ أنّ ذلك هو المال، أو بدل منه، أطلقه. فامتنع ابن أبي الجواد من الاعتراف، وأبى القاضي إطلاقه. ثم بعد حين عزل ذلك القاضي، وعاد زوج أسماء لمنصبه، ولم يؤاخذ سلفه بما فعل معه، منّة منه وتكرّمًا. ولم تزل أسماء الأسدية معظّمة معزّزة عند الخاصّ والعامّ من بيئة عصرها، إلى أن توفّيت في حدود سنة 250 هـ.»(شهيرات التونسيات، تونس المطبعة التونسية .1934-1353 ص22).
وذكر صاحب كتاب «فقيهات عالمات» أنّ أسماء القيروانية كانت من النساء اللائي زينهن الله بالعلم، وجمّلهن بالفقه في دينه العظيم. فكانت من الأقمار التي زيّنت صفحة الزمان، ومن النجوم في كبد السماء، ومن المنارات المشعّة التي يُهتدى بهنّ، ومن الحصون المنيعة للعلم التي يُلجأ إليها، وكانت رحمها الله ممّن ملأ الله قلبها نوراً وعقلها حكمة وعلماً، وذاع صيتها في أقطار العالم الإسلامي كلها. وبقيت ذات مكانة في المجتمع القيرواني طوال عمرها إلى أن توفّيت».(محمد خير رمضان يوسف: فقيهات عالمات، مرجع مذكور).
إلاّ أنّ المصادر التي ترجمت لها لا تذكر آثارا لها مكتوبة باقية، ولا يمكن الجزم بما إذا كان ما ينسب إليها من علم من باب التوقّع المستند إلى مكانة أبيها المعروف بلقب عالم إفريقيّة وقاضيها، أم يستند إلى آثار لها ضاعت ولم تصل إلينا.
فوزي البدوي
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية