عزّة حمّو هي شخصية طبية تونسية مشهورة في علم الأشعة على المستويين الوطني والدولي وهي أول طبيبة تونسية وإفريقية متخصصة في طب الأطفال الإشعاعي ومن مؤسسي الحماية من الإشعاع والمدير السابق للمركز الوطني للحماية من الأشعة في تونس والخبيرة الدولية ذات الشهرة العالمية في الوقاية من الإشعاع والطب النووي والعلاج بالأشعة لدى عدة هيئات إقليمية ودولية للطاقة الذرية ومن مؤسسي الشبكة العربية للهيئات الرقابية النووية والإشعاعية. ساهمت في إنشاء العديد من الجمعيات العلمية على الصعيدين الوطني والإقليمي (شهادة شفوية للأستاذ حسن الغربي، رائد طب الأشعة والمسح فوق الصوتي في تونس). وتعتبر عزّة حمّو أيضا من داعمي طب الاختصاص بالجهات الداخلية (شهادة شفوية للطاهر حميدة مهندس خبير السلامة الإشعاعية بالمركز الوطني للحماية من الأشعة).
ولدت عزّة حمّو في 8 أوت 1950 في مدينة تونس حيث أتمّت دراستها الابتدائية في مدرسة مقرين الابتدائية ثمّ دراستها الثانوية في المعهد الثانوي للفتيات برادس بالضاحية الجنوبية للعاصمة حيث تحصّلت على البكالوريا علوم سنة 1969. التحقت بعد ذلك بكلية الطب بتونس أين تابعت دراستها الطبية من أكتوبر 1969 حتى جوان 1975.
وأثناء تواجدها خلال عام 1977 كطبيبة مقيمة في قسم طب الأطفال بمستشفى الأطفال بتونس، أجرت عزّة تدريبًا اختياريًا في قسم طب الأطفال الاشعاعي الذي كان يديره الأستاذ حسن الغربي في نفس المستشفى. ولقد شكل هذا التدريب عاملا حاسما في تخصّصها ومسيرتها المهنية. يقول الأستاذ حسن الغربي في هذا الإطار «التقيت عزّة في عام 1977 عندما كانت مقيمة في قسم طب الأطفال، ولقد جاءث إلى القسم الذي كنت أترأسه لتلقي تدريب اختياري في قسم طب الأطفال الاشعاعي الذي كان خاليا من الإطارات التونسية وكان يعمل بفضل المتطوعين الفرنسيين الذين كانوا يأتون لأداء خدمتهم المدنية في المستشفيات التونسية. لذلك قمث بإقناع عزّة بالالتحاق بالقسم باعتبار العمل في مجال طب الأطفال الإشعاعي هو عمل واعد ومحفّز، فقبلت ذلك بدون صعوبة أو تزدد. بعد فترة من العمل في القسم، مكّنْتُها، بفضل برنامج التعاون التونسي الفرنسي، من إجراء دورات تكوينية في فرنسا لاكتساب المزيد من الخبرة لدى الأستاذ كليمان فوري «Clément Fauré» (1979-1981)، ثمّ الأستاذ ميشــــيل بينوزيو «Michel Bénozio»، في روان «Rouen» (1981-1982)، الذي كان فريقه يضمّ حينها طبيب أطفال شاب أخصائي أشعة، يدعى باتريك ليدوسور «Patrick Ledosseur»، أصبح فيما بعد كبير أطباء اختصاص طب الأطفال الإشعاعي، وقد أعرب هذا الأخير عن عدم رغبته في الاستغناء عن عزّة التي أصبحت لا غنى عنها لكفاءتها وعملها الجاد كطبيبة أطفال ومختصة في طب الأطفال الإشعاعي. وهذه هي الصفات المطلوبة للتفوق. ولكن مع اقتراب مناظرة انتداب المساعدين الاستشفائيين، عادت عزة إلى قسمنا لتجتاز هذه المناظرة وتنجح فيها بفضل ملفها العلمي الجيّد وكفاءتها لكي تصبح بذلك أول طبيبة تونسية وإفريقية اخصائية في طب الأطفال الاشعاعي ثمّ فيما بعد خبيرة ذات شهرة دولية».
بعد فترة التدريب بفرنسا وقضاء سنة 1983 كمساعدة استشفائية أجنبية بمستشفيات باريس بدأت عزّة حمّو مسيرتها المهنية في تونس سنة 1984 كمساعدة استشفائية بقسم الأشعة بمستشفى الأطفال بالعاصمة لترتقي بعد ذلك السلّم الوظيفي بفضل جِدِّها وعملها الدؤوب وتتحصّل على رتبة طبيبة مستشفيات سنة 1989 ثمّ أستاذة محاضرة مبرِّزة سنة 1990 ثمّ أستاذة استشفائية جامعية مبرِّزة سنة 1996. وكانت عزّة، إلى جانب عملها في المستشفى، تدرِّس بكلية الطب بتونس في قسم الأشعة والفيزياء الحيوية.
بالإضافة إلى ممارستها الطبية ومهمتها في التدريس، اضطلعت عزّة حمّو بمسؤوليات مهنية أخرى. فترأست قسم الأشعة بمستشفى الأطفال بتونس (1995-2004) وساهمت في تأسيس المركز الوطني للحماية من الأشعة ثم تقلدت منصب مديز له (2004-2016). نسّقت أيضا مركز التصوير بالرنين المغناطيسي بتونس (2000-2003) وكذلك الدبلوم الجامعي في الحماية من الإشعاع. وفي هذا السياق يقول أستاذها السيد حسن الغربي «عندما غادرت مستشفى الأطفال في أفريل 1989، عرفت عزّة كيفيّة تولي مسؤولية طب الأطفال الاشعاعي بالمستشفى»
وبصفتها خبيرة في ميدانها، تولت عزة مسؤوليات أخرى وطنية. فلقد كانت عضوا في فريق الخبراء الوطنيين المكلفين بصياغة القانون والتنظيم النووي (2008-2016) والمنسق الوطني للتعاون الفني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية في مشاريع الحماية من الأشعة (2004-2016) وعضو مجلس إدارة مركز العلوم والتقنيات النووية (2004-2016) وعضو الهيئة الوطنية للطاقة الذرية وعضو مجلس الإدارة واللجنة الطبية لمستشفى الأطفال بتونس (2004-1995) ونقطة الاتصال الوطنية في مجال استيراد وتصدير المصادر المشعة.
أمّا على النطاق الاقليمي والدولي فلقد نجحت عزّة، بفضل كفاءتها العالية، في أن تصبح خبيرة في الوقاية من الإشعاع والطب النووي والعلاج بالأشعة لدى الهيئة العربية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية (2007-2016) ومنظمة الصحة العالمية (منذ2005) وكانت أيضا عضوا بالمجلس العربي للتخصصات الطبية في الأشعة (2003-2010) وأحد المؤسسين للشبكة العربية للهيئات الرقابية النووية والإشعاعية. وفي هذا الإطار يقول أستاذها السيد حسن الغربي «لقد اتّبعت عزّة خطاي في التصوير الطبي بالأشعة، وفي الفحص والتصوير بالموجات فوق الصوتية «Ecographie»، وفي الحماية من الإشعاع، وهي مجالات أثبتت عزّة فيها قدرتها من خلال عملها الدؤوب وعزيمتها ومعرفتها، وسرعان ما أصبحت خبيرة دولية في تلك المجالات لدى المنظمات العالمية». ويقول السيد الطاهر حميدة، مهندس خبير السلامة الإشعاعية بالمركز الوطني للحماية من الإشعاع، «أينما سافرْتُ وعلموا أنّني من تونس، كانوا يسألونني عنها، مادحين أخلاقها وكفاءتها ومجهوداتها الجبارة في مجال دعم الحماية من الأشعة في تونس وإفريقيا والعالم». وفي هذا الصدد، يقول عنها الخبير ضو مصباح، المدير العام للوكالة العربية للطاقة الذرية «عرفتها عن قرب كخبيرة عربية لا تدخّر جهداً لنشر المعرفة والتقنية بين المهتمين العرب في مجالها».
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت في إنشاء العديد من الجمعيات العلمية كالجمعية التونسية للأشعة (STR) التي تقلدت فيها مهمة مسؤول عن الاجتماعات العلمية (1992-1998)، ثمّ رئاسة الجمعيّة (1998-2002)، وبعدها أمينة عامة (2009-2012)، والجمعية المتوسطية والأفريقية للموجات فوق الصوتية (MASU) التي أُحدثت سنة 1985 والتي كانت عزّة عضوا في مكتبها ثم رئيسة لها (2005-2008) مما سمح لها بالتعريف بطب الأشعة الجيّد للأطفال في العالم الأفريقي والمتوسطي، والجمعية التونسية للحماية من الإشعاع المؤين وغير المؤين (ATPRI & NI) التي ترأستها، والجمعية الأفريقية للأشعة التي كانت عضوا بمجلس إدارتها (2011 -2015) ثم رئيسا منتخبا ابتداء من سنة 2015 مما مكنها من لعب دور رئيسي في التعريف بالأشعة التونسية والإفريقية الجيدة، والجمعية التونسية للموجات فوق الصوتية (STED)، والجمعية التونسية الفرنسية للأشعة، والجمعية التونسية لطب أورام الأطفال، والجمعية التونسية لعلم النفس الصحي. بالإضافة إلى ذلك كانت عضوا في عديد الجمعيات العلمية الأخرى ومن بينها من تولت فيها مسؤولية عضو مجلس إدارة كالجمعية التونسية للطب عن بعد والاتحاد العالمي للموجات فوق الصوتية في الطب والبيولوجيا(WFUMB). كما شغلت عزّة خطّة نائب رئيس وعضو المجموعة التوجيهية للمسؤولين الكبار عن الحماية من الأشعة في البلدان الأفريقية (FNRBA).
على الصعيد العلمي، تميّزت عزّة بإتقانها للإنصات وتقاسم المعرفة ولقد ساعدتها هذه الصفات في التعريف بتكنولوجيات طبية ناشئة وتعزيز تعميمها كالموجات فوق الصوتية. أمّا على الصعيد الإنساني، فقد كانت عزّة حمّو تؤمن إيمانا راسخا بأن تقدم الطب لا يكون له أي تأثير إذا لم ينتفع به الجميع. لذلك كانت تقوم بإجراء الفحوص الطبية والتدريس من شمال تونس إلى جنوبها. فعلى سبيل المثال، كانت تغادر كل شهر مستشفى بشير حمزة للأطفال لتذهب لقضاء بضعة أيام في جنوب البلاد، في توزر وجربة، لإفادة الأطفال المرضى من التقدّم العلمي.
لقد كرّست عزّة حياتها لحماية المرضى من خلال تخصّصها في الأشعة. فكانت الأولى في العالم التي اكتشفت، في 31 ديسمبر 1986، أول خراج تحت السمحاق (abcès sous périosté) في التهاب نخاع العظم (ostéomyélite) عن طريق الموجات فوق الصوتية. ولقد أنهى هذا الاكتشاف خمسين قرنًا من التهاب نخاع العظم المزمن. وأوقف نهائيًا تدمير الأطراف المصابة للأطفال الصغار وانتقالهم الحتمي إلى الإعاقة مدى الحياة. ومنذ هذا الاكتشاف التونسي لالتهاب نخاع العظم، تعافى الأطفال المصابون بهذا المرض نهائيًا في تونس وفي القارات الخمس (شهادة شفوية للدكتور حمزة الصدّام، الأستاذ المتميّز بكلية الطب بتونس). وإثر هذا الاكتشاف تمّت دعوتها، في عام 1998، من قبل الموسوعة الطبية الجراحية «Encyclopédie Médico-Chirurgicale» لإجراء إصلاح شامل لهذا المرض من وجهة النظر السريرية والعلاجية وهو ما قامت به عزة بالفعل. كما شاركت مع الأستاذ حسن الغربي وزملائها في إعادة كتابة السميولوجيا الإشعاعية لآفة ثانية متفشية في تونس وحول العالم ألا وهي الكيس العداري. ويقول الأستاذ حمزة الصدّام في هذا الشأن «هذان المثالان، المأخوذان من أعمالها التي لا تعدّ ولا تحصى، كافيان في حد ذاتهما لرفع هذه السيدة إلى مرتبة المحسنين للإنسانية ولجعلها تدخل إلى بانثيون الطب العالمي».
وإلى جانب هذا المسار المهني اللامع والمثير للإعجاب، كانت عزّة حمّو صارمة مع زملائها، وحازمة مع طلابها، ورؤوفة مع مرضاها وعائلاتهم. كانت تختار، لكل مجموعة، الكلمات الصائبة لإبلاغ رسائلها (شهادة شفوية للدكتور حمزة الصدّام).
وبوفاتها في 6 اوت 2017، فقدت تونس أحد مؤسسي طبّها الحديث.
مؤلفاتها :
ساهمت في كتابة ونشر 124 مقالة علمية متوفرة على منصة Researchgate على الرابط التالي :
https://www.researchgate.net/profile/Azza-Hammou
تشاركت مع الخبير ضو مصباح من الوكالة العربية للطاقة الذرية ومع الدكتور محمد جمعة من مصر والدكتور إبراهيم الدهيني من لبنان في ترجمة كتاب اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع المعنون «الوقاية من الإشعاع في الطب».
أمّ كلثوم بن حسين
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية