0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

بدرة بن مصطفى (الورتاني )

[1912-1993]
مجالات النشاط
  • العلوم التجريبيّة والطبيّة

بدرة بن مصطفى هي ثاني امرأة تونسية بعد توحيدة بن الشيخ تتخرّج من كلية طبّ، وإحدى أوّل امرأتين تخرّجتا في القبالة في البلاد. وهي معروفة بنضالها من أجل حقوق المرأة وتكريس حرّيتها.

ولدت بدرة بن مصطفى في 12 مارس 1912 في تونس العاصمة. وأثناء طفولتها، كان يُنظر إلى العودة القويّة للقيم التقليديّة، في أضيق تأويلاتها، على أنّها حصنٌ لمواجهة تأثير الاستعمار وضمانٌ لخلاص الشعب. وبالرغم من ذلك، قرّر رشيد بن مصطفى، والد بدرة المنفتح الذهن، تعليم بناته وتشجيعهنّ على مواصلة دراستهن، مدفوعًا في ذلك برغبته في رؤية الأشياء تتغيّر اجتماعيًا وسياسيًا في تونس، كما أعرب عن أمنيته بأن يرى بدرة قابلة. وهكذا التحقت بدرة، سنة 1918، لمزاولة تعليمها بالمدرسة الابتدائية ثمّ بالمعهد الثانوي أرماند فاليير، الذي أصبح فيما بعد يسمّى معهد نهج روسيا في تونس، حيث تحصّلت على البكالوريا عام 1930. ثمّ التحقت بكلية الطبّ في الجزائر العاصمة، لمواصلة دراستها هناك وتحقيق رغبة والدها في أن تصبح قابلة. وفي عام 1932، أصبحت واحدة من أول قابلتين تونسيتين خريجتي كلية طبّ، ونتيجة لذلك، كانت من بين النساء اللواتي مهّدن الطريق في الأربعينيات لتعليم الفتيات في المدارس التونسيّة والجامعات الأجنبية.

وبعد عودتها إلى تونس، حيث كان التوظيف بالمستشفيات ممنوعًا على التونسيّين والتونسيّات، عملت بدرة لحسابها الخاصّ في منزل العائلة حيث تمّ تركيب خطّ هاتفي لهذا الغرض (شهادة شفوية لابنتها صفية الورتاني). وفي مواجهة ممانعة بعض أفراد عائلتها وممارسات القابلات التقليديات، اضطلعت بدورها بالكامل كقابلة مؤهّلة محترفة، وكذلك قامت بدور المرشدة الاجتماعية مساعدة للأسر. وهو ما يثير الإعجاب بالنظر إلى عقليّة المجتمع التي تختلف كثيرًا عن عقليتها. فرضت بدرة ممارستها بإقناع البعض وشرح جدوى ما كانت تفعله للبعض الآخر، والأسس السليمة للرعاية المقدمة للأمهات قبل الولادة وبعدها وكذلك للأطفال حديثي الولادة لدفعهم إلى تغيير عاداتهم وتزويدهم بتربية يفتقرون إليها على مختلف المستويات.

في عام 1935، أنشأت بمعيّة الدكتور أحمد بن ميلاد وثلاثة أطبّاء آخرين وطبيب أسنان، مستوصف «دار ابن الجزار» بالحلفاوين في مدينة تونس، وهو أول مرفق طبّي من نوعه ظلّ يعمل إلى ما بعد الحرب العالميّة الثانية.

في عام 1940، التحقت بالمستشفى الصادقي، العزيزة عثمانة حاليا، حيث مارست عملها حتى تقاعدها (شهادة شفوية لابنيها صفية وعبد الكريم الورتاني) وقد تمّت ترقيتها، عام 1958، إلى رتبة قابلة من الدرجة الأولى بالمؤسسات الاستشفائية، لتكون مسؤولة عن التنظيم العائلي في هذا المستشفى (شهادة شفوية لابنتها صفية الورتاني).

قامت بدرة بن مصطفى بالعديد من المهمّات التي أظهرت فيها قدراتها المتنوعة. والجدير بالذكر مساهمتها، في فبراير 1952، في تحقيق، بتكليف من الباي، تمّ إجراؤه بحنكة كبيرة في تازركة بالوطن القبلي، حيث فحصت النساء اللاتي تعرضن، قبل أيام، لانتهاكات جنود الاستعمار واستمعت لروايتهنّ وجمعت شهاداتهن. وفي عام 1963، شاركت أيضًا في أوّل مهمة تمّ القيام بها لتأسيس التنظيم العائلي في تونس، وقامت بجولة حول العالم لهذا الغرض قادتها إلى آسيا (هونغ كونغ، اليابان) والولايات المتحدة الأمريكية (نيويورك، سان فرانسيسكو) وبلدان أخرى.

وامتدادًا لعملها المهني، اتسمت مسيرة بدرة بن مصطفى الورتاني أيضًا بالتزامها السياسي ونضالها النسوي وذلك تجسيدا لحرصها على السماح للمرأة التونسيّة بالتمتّع بالحريّة داخل إطار الزواج وفي المجتمع من خلال التعليم والعمل والتخلي عن ممارسات الزواج التقليدية. وهكذا كانت عضوًا في مكتب اتحاد النساء المسلمات في تونس منذ إنشائه في عام 1937 على يد بشيرة بن مراد وحتى سنة الاستقلال في عام 1956. وقد ساهمت هذه الحركة بشكل كبير في تعليم الفتيات في الأربعينيات، كتوحيدة بن الشيخ ورائدات الجامعات الأخريات بما في ذلك بدرة بن مصطفى، على سبيل المثال، واللواتي تابعن الدراسة دون التخلّي عن دينهنّ أو قيمهن الأخلاقية. واتّخذ نضال بدرة السياسي شكل المقاومة السلميّة ضدّ المحتل من خلال علاج المقاومين الجرحى. كما نظمت خلال الفترة من 1934 إلى 1956 وجبات جماعية للمحتاجين.

وبعد الاستقلال، واصلت نضالها من خلال أنشطة التثقيف الصحيّ لصالح الأمّ والطفل، وكذلك التزامها بنجاح برنامج التنظيم العائلي في مستشفى شارل نيكول في تونس.

كانت بدرة بن مصطفى صريحة حازمة ملتزمة منفتحة الذهن، وقد حظيت بتقدير كبير من قبل مرضاها وزملائها وتركت وراءها ذكرى لا تُنسى وماضيا مجيد (شهادة شفوية لأبنائها).

وفي 13 أوت 1989، منحها رئيس الجمهورية وسام الاستقلال برتبة قائد، مما يدلّ على اعتراف الدولة التونسيّة بعملها. وفي مارس 2019، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة، احتفى مجلس بلدية مدينة أريانة بمناضلات تونسيات ومن بينهن بدرة بن مصطفى وأطلقت أسماؤهنّ على عدد من الأنهج، حيث حمل أحد الأنهج في منطقة حي النصر اسم بدرة بن مصطفى (ولاية أريانة).

توفّيت بدرة بن مصطفى الورتاني في 6 أوت 1993 بعد مسيرة مهنيّة ثريّة وحياة كرّستها لمهنتها كقابلة ولنضالها من أجل حقوق المرأة.

 

إكرام القيزاني

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا

اقترح شخصية

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
رقم الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%