هي ممثّلة ومطربة تونسيّة، اسمها الأصلي زكيّة بنت بوبكر المرّاكشي، وُلدَت بصفاقس في 7 نوفمبر 1910 وتوفّيت بتونس في 21 جويلية 1989. نُشرَت مُذكّراتها في أعداد جريدة العمل بين شهريْ ماي وجوان 1971.
بدأت شافية رشدي مسيرتها الفنّية بالتمثيل في مسقط رأسها صفاقس في سنّ الرابعة عشرة، حيث تعلّمت المسرح على يد أستاذها محمد شبشوب وانضمّت إلى فرقة «التهذيب المسرحي» لصاحبتها الممثلة حسناء الأمير
(SAADA, Houda, la présence féminine sur la scène théâtrale ou le défi de la société, Congrès des créatrices arabes, 5ème session, 1ère édition, Sousse-Tunisie, ministère des affaires culturelles, 2001, p. 192.)
كما تعلّمت الموسيقى على يد الأستاذ الهادي الشنّوفي، ثم انتقلت إلى تونس العاصمة سنة 1930، حيث تعرّفت على أبرز أعلام الثقافة التونسيّة آنذاك وهو ما ساعدها على نحتِ مسيرتها الفنّية المتميّزة والثريّة. فقد التقت شافية رشدي بالبشير المتهنّي صاحب فرقة «المستقبل التمثيلي» التي أسّسها رفقة محمد الحبيب في 1926 (الشاذلي، الساكر، تاريخ الموسيقى التونسية، تونس، منشورات الأخلّاء، 1008، ص. 99)، وخاضت معه تجربة التمثيل في أبرز مسرحيّاته إلى أن أصبحت الممثّلة الرئيسيّة للفرقة، كما عملت مع فرقة «الاتحاد المسرحي» و «اتحاد كواكب التمثيل»، ثمّ أسّست فرقة مسرحيّة خاصّة بها، ويُعرف عنها أنّـها إلى جانب التمثيل كانت تساهم في كتابة نصوص مسرحيّاتها.
إلى جانب المسرح، كانت شافية رشدي إحدى أهم مطربات فترة الثلاثينات في تونس، وقد كوّنت فرقة موسيقيّة خاصّة بها ضمّت كُلًّا من محمد التريكي وصالح المهدي وقدور الصرارفي وخميس الترنان وعلي السريتي ويوسف قنونة وغيرهم. كما كانت تُدعى لإقامة حفلات أسبوعية في قصر أحمد باي الثاني إلى جانب مطربين آخرين مِنْ أَمْثال الشّيخ العفْريت وخْميّس التَّرنان وجَمَال الدّين بُوسْنينَة وحَسيبَة رُشْدي وفَتْحيّة خَيْري (المختار، المسْتَيْسر، نشأة الرشيدية المُعلَن والمخفيّ، تونس، منشورات مختار المستيسر، 2014، ص. 38). وقد ساعدَتْها على الظّهور عِدّة ظروف لعلّ أهمّها احتكاكها بمجموعة من أعلام الثقافة التونسيّة وهم «جماعة تحت السور»، وتأسيس جمعية الرشيديّة ثُمَّ تأسيس الإذاعة التونسيّة. وقد كانت شافية تنظّم لقاءات أدبيّة في بيتها تستضيف فيها أشهر الأدباء والشعراء والمفكّرين مِنْ أمثال عَبد الرّزّاق كَرَباكَة ومحمّد العْريبي وجَلال الدّين النقّاش ومصطفى خْرَيِّف ومحمود بورْقيبَة ومصطفى آغة وغيرهم، وهو ما ساعَدها على التّعامُل مع هؤلاء الأدباء لإنتاج رصيد غنائيّ ثريّ ومتنوّع. ثمّ مثّلت نشأة جمعيّة الرشيديّة حدثا بارزا في مسيرة شافية رشدي الموسيقيّة، حيث كانت المطربة الوحيدة التي ساندت الجمعيّة منذ بداية تأسيسها وانضمّت إلى فرقتها الموسيقيّة. وقد شاركت في العرض الأول لفرقة الرشيديّة، وعاشت في رحابها سبع سنوات إلى أن غادرتها سنة 1941 بعد وفاة رئيس الجمعيّة مصطفى صفر.
وقد أنتجت الرشيديّة عددا كبيرا من الأغاني لشافية رشدي لعلّ أهمها «تْلَيَّعْتْ يَا الأَحْبَابْ» و «يَا سَاكِنْ قَلْبِي وْكْنِينِي» وقد لحّنهما محمد التريكي، و«كُلْ مَا يْقُولُوا النَّاسْ اَخْطَاهَا» التي لحّنها خْميّس التَّرنان، و «تَعْرَفْنِي فِي دَمِّي نْغِيرْ وْتِكْوينِي وتْمِيلْ للْغِيرْ» (وهي من نَظْم شافية رشدي) و«عُمْرِكْ مَا تَعْرَفْشِي الحُبْ» وقد لحّنَهُما قدور الصرارفي، و«القَلْبْ يَخْفَقْ» التي نَظَمَها الهادي العْبيدي ولحّنها خْميّس التَّرنان.
ومع تأسيس الإذاعة التونسيّة انضمّت شافية رشدي إلى فرقتها الموسيقيّة وتعاملت فيها مع أكبر الملحّنين مِنْ أمْثال قَدُّور الصّْرارْفي والسّيّدْ شَطّا والهادي الجْويني الذي كان قد لحّن لها قبل ذلك أغنية «شِيرِي (chéri) حبّيِتِكْ» (1933)، وكانت تشارك في الحفلات الأسبوعيّة التي تُقيمُها فرقة الإذاعة، كما أنتجت حِصّة إذاعيّة غنائيّة خاصّة بها.
عُرفت شافية رشدي بثراء رصيدها الغنائي، فقد بدأت مسيرتها بأداء الأغاني الطْرابِلْسيّة والشعبية وأغاني الزندالي وأغاني «الفرانكو-أراب» التي راجت في تونس في بداية الثلاثينات (فتحي، زغندة، أطوار الأغنية التونسية، تونس، مجلة الحياة الثقافية، ع. 5، جوان 1978، ص. 31) ثُمّ مع انضمامِها إلى فرقة الرشيديّة حفظت وأدّت نوبات المالوف والموشحات والفوندوات، إضافة إلى الأغاني الجديدة التي لُحّنَتْ لها بعد انضمامها إلى فرقتَيْ الرشيديّة والإذاعة وتعاملت فيهما مع أبرز الشعراء أمثال علي الدوعاجي ومصطفى خريّف وعبد الرّزّاق كَرَبَاكَة والهادي العْبيدي الذي ألّف لها «القَلْبْ يَخْفقْ» وأغنية الأم «مَحْلاها كِلْمة في فُمّي» وقد لحّنهُما الشّيخ خْمَيّس التَّرْنَان.
عائشة القلاّلي
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية