ولدت الأستاذة والشاعرة فاطمة بن فضيلة في 15 أفريل 1963 في أسرة أصيلة مدينة مكثر من ولاية سليانة، وزاولت تعليمها الابتدائي بخزندار – باردو إلى الباكالوريا ثمّ انتقلت لمواصلة التعليم العالي إلى معهد الصحافة وعلوم الأخبار حيث أحرزت الأستاذيّة في العلوم الصحافيّة (شعبة الثقافة) ثمّ اقتحمت ميدان الشغل فعملت مدّة قصيرة بالصحافة في جريدة «الشّروق» – مع المرحوم صلاح الدّين العامري (ثمّ التحقت بالتعليم الثانوي حيث تولّت تدريس اللّغة الفرنسيّة وتمّ ترسيمها فيها ثمّ تدرّجت في الوظيفة حتّى أصبحت أستاذة أولى مميّزة، درجة استثنائيّة واستقرّت بتونس العاصمة (إعداديّة المروج II) بعد أن درّست بمعاهد داخليّة (منها ماجل بلعبّاس وغار الدماء والفحص).
وفي الأثناء، تزوّجت فاطمة من السيّد أحمد بوبكري وعاشا حياة وئام وانسجام.
وممّا له علاقة وطيدة بالجانب المهني أنّ السيّدة فاطمة بن فضيلة انخرطت باكرا في العمل النقابي والنضال النقابي بصفتها عضوا قاعديّا أوّلا ثمّ بصفتها عضو نقابة أساسيّة للتعليم الثانوي – 2009 – 2010 – وكانت لها مشاركة نشطة ناهيك أنّها أصبحت عضو لجنة الإعداد والتنظيم لمهرجان الاتحاد العام التونسي للشغل ومارست التكوين النقابي في صلب الاتحاد ونالت شهادة أكاديميّة التكوين به وأسهمت بفاعليّة في نشر الوعي والثقافة النقابيّة.
على أنّ الوجه النقابي من حياة فاطمة بن فضيلة إنْ هو إلاّ مظهر من مظاهر الالتزام الفكري والأخلاقي بقضايا الإنسان والوطن والأمّة، ممّا لا ينبغي معه فصله عن مشاركتها التامّة والفعّالة في ثورة تونس (جانفي 2011) وظهورها في شريط أحداث هذه الثورة التي طالب فيها أبناء شعبها بالشغل والحريّة والكرامة الوطنيّة، وممّا لا ينبغي فصله أيضا عن إيمانها الرّاسخ بالحقّ الفلسطيني وبعدالة القضيّة الفلسطينيّة وشرعيّة النضال العربي الفلسطيني.
هذا، وقد اهتمّت فاطمة بن فضيلة بالأدب مطالعة وكتابة منذ صغرها وبدأت محاولاتها في الشعر والقصّة ثمّ في الرواية فيما بعد، وإن كان الغالب على انشغالها به وإبداعها إيّاه الشعر.
شاركت الشاعرة في عديد الملتقيات والمهرجانات الأدبيّة بأماكن كثيرة ولدى هيئات وجهات من بينها : مهرجان الحريّة وخيمة علي بن غذاهم، والأيّام الشعريّة بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة، وأيّام الإبداع بزغوان، وملتقى القلم المبدع ببن عروس وغيرها، كما شاركت في ملتقيات ومهرجانات خارج الوطن: (مثل ملتقى زليطن بليبيا وملتقى عنّابة بالجزائر ومهرجان المربد بالعراق)، ونشّطت صالون المبدعات بنادي الطّاهر الحدّاد بمدينة تونس العتيقة، ونادي مروج الأدب في دار الثقافة بالمروج (الضاحية الجنوبيّة من العاصمة تونس).
وعلاوة على مشاركات فاطمة في اللقاءات والمنتديات الثقافيّة (بصفتها متسابقة أحيانا وعضو لجنة تحكيم أحيانا أخرى) وعلى الصعيدين الوطني والدّولي، فقد كتبت المقال الأدبي ونشرته، مثلما نشرت شعرها، بالصحافة، ولا سيما بجريدتي «الصّباح» (ملحق فكر وفنّ) و «الحريّة» (الملحق الثقافي).
فاطمة بن فضيلة شاعرة أساسا، وشاعرة أوّلا وأخيرا. صدرت لها ثلاث مجموعات شعريّة بالعربيّة الفصحى، وهي :
-لماذا يُخيفك عُريي ؟ (2003)
-من ثقب الروح أفيض (2006)
-حمّالة صدر بعين واحدة (2022) وهي مجموعة يدلّ عنوانها – قبل محتواها –دلالة واضحة وفادحة على صراعها مع مرض السرطان، وقد كان، كصراع صديقاتها الأخريات اللاّتي استلهمت الكتاب أيضا منهنّ وأهدته إليهنّ، بطوليّا ودونكيشوطيّا إلى أبعد الحدود.. !
ولفاطمة غرام آخر بالشعر تمثّل في نظمها مجموعة أخرى منه، ولكن بالعاميّة التونسيّة هذه المرّة، وهي مجموعة «أمّي... قلّي الحبّ شنيّة ؟» سنة 2022. ولفاطمة غرام ثالث بالشّعر تمثّل في ترجمة مجموعتين منه إلى الفرنسيّة هما : «المجرمون لايزالون هنا» لمحمد العربي (2018) و»ما يقول البحر عن صمتي» لعدنان الصائغ (2020).
وقد كتبت فاطمة الرواية أيضا، وتجلّى ذلك في عملها الذي أسندت إليه عنوان «رواه العاشقان» (2008). على أن روايتها هذه تبدو – في تقديرنا – بمثابة القصيدة الطويلة المتحلّية بالسّرد أو السّريدة» الحبلى بوحم الشعر، وهو ما يعني فعلا أنّ أساس إبداعها وجوهر موهبتها الشعر.
ويُلاحظ أنّ الغالب على منشوراتها أنّها صدرت عن دار وشمة (جبنيانة/تونس) وقد كانت تملكها (بالاشتراك).
وقد أحرزت فاطمة بن فضيلة جوائز عديدة من بينها : جائزة الشعر الفصيح بأيّام الإبداع بزغوان وجائزة مهرجان الشعر الغنائي بالمدينة الجديدة، كما نالت جوائز أخرى كثيرة أبرزها – على الصعيد الوطني– جائزة زبيدة بشير للإبداع الأدبي باللّغة العربيّة التي أسندها إليها الكريديف سنة 2006 عن مجموعتها «من ثقب الروح أفيض».
كما استحقّت تقديرات وتكريمات من بينها تكريم وزيرتي المرأة والثقافة، السيدتين آمال موسى وحياة قطاط يوم 05 مارس 2022 بالمركز الثقافي الدولي بالحمّامات، وتكريم رئيسة الحكومة السيّدة نجلاء بودن ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، السيدة آمال بالحاج موسى يوم 13 أوت 2022.
من شعر فاطمة بن فضيلة :
1. قبل السرطان :
أحبّك... ليس لي اتّساعٌ من العمر
حتّى أنمّق هذا الكلام الغزير على شفتيّ
وليس لديّ اتّساعٌ من الصّبر
حتّى أؤجّل موتي أكثر .. !
2. بعد السرطان :
النّهد الذي يُبتر
في أيّ مقبرة يُدفنُ..؟
وهل يُكتب على شاهدة قبره مثلا :
«كان جَموحًا، مضمّخًا بالشّغف،
مُرتفع الحَلْمةِ أبدًا..»
مبروك المنّاعي
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية