هي أديبة قاصّة وإعلامية وناشطة اجتماعيّة. وُلدت بتونس العاصمة وتلقّتْ تعليمها الأوّل بالكتّاب وبمدرسة البنت المسلمة ؛ وأتمّت مرحلتيْ التّعليم الثّانوي ، تباعا ، بالفرع الزّيتوني للبنات وبمدرسة ترشيح المعلّمات، وفيها تخرّجت ، فباشرت التّعليم بالمدارس الابتدائيّة. ثمّ تحصّلت من كلّيّة الشّريعة وأصول الدّين على الأستاذية في الدّعوة والإرشاد فأصبحت مدرّسة بالمعاهد الثّانوية داخل تونس وخارجها، وتحديدا بالكويت، في نطاق التّعاون الفنيّ، بين عامي 1982 و 1986 (مبروك صالح المنّاعي «مع الأديبة فاطمة سليم». مجلّة الإتحاف عدد مزدوج 143-144. 2004، ص 74-78.) .
انخرطت باكرا في منظّمة الاتّحاد النّسائيّ التّونسيّ وتقلّدت مهمّة التّوجيه وتكوين الإطارات، وكانت واحدة من هيئة تحرير مجلّة الـمرأة، صوت الاتّحاد النّسائيّ، منذ إنشائها (سنة 1961)، ونشرت في أركانها : «المرأة عبر التّاريخ» و «نساء رائدات» و «حلّ مشاكل النّساء الاجتماعيّة» (بوراوي عجينة: فاطمة سليم، مسيرتها الأدبيّة [الملفّ رقم 17، ص 509-521] ضمن موسوعة القصص العربيّة في تونس في القرن العشرين، الكتاب الثّالث، المؤلّف، تونس 2015)، كما «انضمّت إلى نادي القصّة وأصبحت من أعضائه العاملين» (محمّد العروسي المطوي، تقديم مجموعتها الثّانية : تجديف في النّيل، دار بوسلامة للطّباعة والنّشر والتّوزيع، 1974، ص8) وانتسبتْ كذلك إلى اتّحاد الكتّاب التونسيّين منذ إنشائه؛ وكان لها نشاط إذاعيّ مع الفقيديْن: الشاعر الكبير أحمد اللّغماني والمسرحي اللاّمع عمر خلفة. وهي «متحصّلة على وسام المناضلات من الاتّحاد الوطنيّ للمرأة وعلى وسام الاستحقاق الوطنيّ للثّقافة» (الأسعد سعيّد وعبد الرحمن الكبلوطي: تراجم المبدعين بولاية بن عروس، ص 112) .وافاها الأجل المحتوم يوم 1/11/ 2011.
وكانت، منذ طفولتها، مولعةً بالمطالعة وحفظ القرآن وهو ما أهّلها، لاحقا، لتعاطي الكتابة الأدبيّة؛ فكتبت القصّة القصيرة والخاطرة الأدبيّة والدّراسة التّاريخيّة وأجرت الحوارات الصّحفيّة في مجال الفنّ و الفكر والأدب، كما شاركت في تحرير قصص الأطفال.
من مؤلفاتها :
•نداء المستقبل (مجموعة قصصيّة)، دار الكتب الشرقيّة، تونس، 1972، تقديم منجي الشّملي،173 ص.
•تجديف في النيل (مجموعة قصصيّة)، دار بوسلامة للطّباعة والنّشر والتّوزيع، تونس، تقديم محمّد العروسي المطوي، 176 ص.
•نساء وأقلام (قصص وخواطر )، مطبعة الاتّحاد العامّ التونسيّ للشّغل،1995 ، 141 ص.
•شخصيّات وقضايا (مجموع حوارات)، مطبعة الرّضاء، الزّهراء، 2005، 120 ص.
ولها من المخطوط:ـ «نساء رائدات»: (دراسة تاريخيّة) ومحاورات مع فنّانين ورجال فكر من تونس.
تغلُب على كتاباتها القصصيّة النزعة الواقعيّة لانشغالها بالمعيش وبالقضايا اليوميّة وفي مقدّمتها قضايا المرأة . فهي «مرتبطة بالواقع تلاحظه وتمعن في ملاحظته ، وتصوّره فتحسن تصويره.» (منجي الشملي: تقديم «نداء المستقبل، ط1، ص 8).
احتفى بإنتاجها النقّاد والباحثون أمثال أحمد ممّو وجان فونتان ( Jean Fontaine ) ورضوان الكوني ويحيى محمّد وأحمد الحاذق العرف...
قال بوراوي عجينة في آخر تحليله لمجموعتها الأولى «نداء المستقبل»: «هكذا تبيّن لنا أنّ مجموعة «نداء المستقبل» تحتوي على موقف الرّضا بالواقع المهنيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ سواء في السّتّينات أو السّبعينات. على أنّ خاصّيّة المجموعة تمثّلت في تمجيد المرأة العصريّة العاملة مثل المعلّمة والموظّفة والفلاّحة والمهندسة، واعتبار أنّ الأخلاق والتّعليم والعمل مصدر كلّ سعادة حقيقيّة، وأنّ الأمومة واستقرار الأسرة أمران مقدّسان. كلّ تلك المواقف المحافظة والـموروثة وردت في شكل قصصيّ انتمى إلى تيّار الواقعيّة الوصفيّة [..] ولم تحاول[الكاتبة] تجاوز التّقنيات القصصيّة الواقعيّة إلاّ نادرا.» (راجع ترجمته لفاطمة سليم في الموسوعة الحرّة: ويكيبيديا)
وقال محمّد القاضي عن مجموعتها «نساء وأقلام» : «تنهض أقصوصاتُ هذه المجموعة التّسعُ على ظاهرٍ هو الإحكامُ. وقد ذكرتُ على سبيل المثال أنّ أقصوصة «حلم عظيم» نموذج من هذا الإحكام في البناء، إذ هي تستجيب لمـقوّمات فنّ الأقصوصة اختزالا وشعريّة وإطارا مكانيّا وزمانيّا إضافة إلى لحظة التّنوير الختاميّة التي تأتي قالبةً للأوضاع كلّها. فهذه القصّة تروي علاقةً مثاليّةً بين زوجيْن وتنتهي بتنبّه المرأة إلى أنّ كلّ ما حدث لم يكن إلاّ حلما» (إنشائيّة القصّة القصيرة، دراسة في السّرديّة التّونسيّة . تونس. الوكالة المتوسّطيّة للصّحافة 2005 ، ص 180)
وللأديبة فاطمة سليم، فضلا عن قضايا المرأة والقضايا الاجتماعية، اهتمامٌ واضح بالقضايا الفكريّة والفنّية والسّياسيّة، تجلّى ذلك في كتابها «شخصيّات وقضايا» الذي تضمّن 15 حوارا مع رموز من أقطاب الفنّ والفكر والأدب في المشرق العربي أمثال الموسيقار محمّد عبد الوهاب والمطربة فيروز والشاعر نزار قبّاني والكاتبة المفكّرة نوال السّعداوي... فـجوابا على سؤالها : بم ينصح محمّد عبدُ الوهاب هواةَ الموسيقى من الشباب، قال : «نصيحتي للشّباب ألاّ يقتصر على الموهبة لأنّها لا تكفي، طلب العلم ضروريّ،[و]الموهبة عندما تُصقل بالدّراسة تصبح قادرة على الإبداع والابتكار» (شخصيات وقضايا ،ص 19) ، وحين سألت نزار قبّاني عمّا إذا كانت الحرب في لبنان ستُولّد أدبا عربيّا ذا طعم خاصّ، أجاب: «هذه الحرب اللّبنانيّة العبثيّة هي في نظري لا تستطيع أن تحرّض على إنتاج فكر إنساني ذي قضيّة، وسوف لن تنتج إلاّ انطباعات ألم وبكاء» (مصدر سابق، ص 24)، و هي تعود مع نوال السّعداوي إلى قضايا المرأة وحرّيتها وما ينبغي أن تكون عليه منزلتُها داخل الأسرة وخارجها.
حسين العــوري
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية