مجالات النشاط

• الالتزام والنّضال في الحياة العامّة

ولدت فطومة النّملة بصفاقس في 3 أوت 1935 ونشأت في عائلة عٌرفت بحسّها الوطني وتوفيت يوم 7 ماي 1994، درست فطومة النملة في مدرسة «التونسي» بالربض من مدينة صفاقس، ثمّ التحقت بالفرع الزيتوني ثمّ تزوّجت من المناضل النقابي محمد الدامي الذي شجّعها على الانخراط في العمل الوطنيّ خلال فترة النضال ضد الاستعمار (الدو القايد السيدة، منارات الفجر تونسيات على درب النضال 1900-1956، تونس، مطبعة التسفير الفني، 2006، ص 165). فساهمت منذ أواخر أربعينات القرن العشرين في مواجهة السياسة الاستعماريّة، ومن ثمّ تعرّفت على المسؤولات في الاتحاد النسائيّ الإسلاميّ، ولا سيّما على المناضلة مجيدة بوليلة، وتمكَنت بمعيتهن من تأسيس شعبة نسائيّة للحزب الدستوريّ الجديد بالربض بصفاقس، وتولّت خطة الكاتبة العامّة لها.  

وإثر إبعاد مجيدة بوليلة إلى تبرسق يوم 26 مارس 1952، أسندت لها رئاسة الشعبة مؤقتا ثمّ انتخبت فطومة النملة يوم 19 نوفمبر 1954 رئيسة لهذه الشعبة الدستوريّة بعد أن حازت على أغلبيّة الأصوات (بلغ عدد الحاضرات في الاجتماع 212 امرأة)، واستمرّت في مهمتها هذه إلى غاية الاستقلال.

وكانت فطومة النملة من بين النساء اللاَتي شاركن في تنظيم المظاهرات وجمع الإعانات للمساجين وعائلاتهم، وربط الصلة مع رجال المقاومة المسلّحة في بداية الخمسينات. ونظرا إلى نشاطها الوطني فقد تعرّضت للاعتقال يوم 8 مارس 1952 بعد مشاركتها في مظاهرة قادتها الشعبة النسائيّة، وقد حكم عليها بخطية مالية وبالسجن لمدة شهر مؤجّل التنفيذ.

تفرّغت فطومة النملة بعد الاستقلال إلى مهامها المهنيّة والعائليّة، حيث عملت بالقطاع الصحّي في صفاقس ثمّ انتقلت للعمل والسكن بالعاصمة، وبرز دورها من جديد خاصّة إثر أحداث 26 جانفي 1978 بعد أن تعرّض زوجها محمد الدامي للاعتقال رفقة عدد من قيادات الاتحاد العام التونسيّ للشّغل وحكم عليه بسنتين سجنا، (شهادة محمد شعبان، هيئة الحقيقة والكرامة، التقرير الختامي الشامل، الجزء الثاني، ديسمبر 2018، ص 151). فقد وقفت إلى جانبهم وإلى جانب أسرهم، وعملت على التعريف بقضيتهم لدى الجامعة العالميّة للنقابات الحرّة (السيزل). ولعلّ أفضل شهادة على مجمل أدوار هذه المناضلة، هي تلك التي قدّمها في شأنها محامي النقابيين آنذاك منصور الشفّي، الذي أشاد بدورها في هذه المرحلة وخاصة من خلال تنسيقها مع نساء بقية السجناء للتواصل معهم ومحاولة التخفيف من معاناتهم كما ذكّر بدورها الوطني خلال مرحلة الكفاح التحريري رفقة بقية مناضلات جهة صفاقس  (الشفي منصور، «من تاريخ الاتحاد العام التونسي للشّغل»، الشعب، 20 نوفمبر 2010).

هذه المرأة الجريئة مثال نادر للنضال ضدّ القمع والظلم، سواء في مرحلة مقاومة المستعمر أو في مرحلة دولة الاستقلال عندما انحرفت عن أهدافها.

 عبد المجيد بالهادي