حبيبة الجيلاني هي أوّل امرأة تونسيّة طبيبة جراحة وأول طبيبة تونسيّة وإفريقية مختصّة في جراحة الصدر.
ولدت في 17 سبتمبر 1949 في تونس العاصمة.
تنحدر حبيبة الجيلاني من عائلة تونسيّة ثريّة ومتفتّحة من الفلاّحين والتجّار الحرفيّين والسياسيّين منذ القرن التاسع عشر. نتيجة لذلك، لم تجد حبيبة الجيلاني صعوبة في الدراسة. في الواقع، كان جدّها من الأب قائدًا حاكما ذا شهرة، وكان جدّها من الأمّ قائدًا من قبائل ماجر والفراشيش في منطقة تالة، ويحظى باحترام الجميع. وكان والدها رجل أعمال نشيط وبشكل خاصّ في صناعة النسيج والملابس، بل كان هو المؤسّس لها في تونس، وقام بتحديثها وتطويرها، بينما كان شقيقها الهادي الجيلاني رجل أعمال ونقابيًّا وسياسيًّا معروفًا.
بالإضافة إلى ذلك، استفادت حبيبة الجيلاني من تحرير المرأة التونسيّة ومن التعليم الإلزامي للفتيات في فجر الاستقلال.
تابعت حبيبة دراستها الابتدائية في مدرسة الراهبات «Emilie de Vialar» ودراستها الثانوية في معهد كارنو «Lycée Carnot» في تونس العاصمة حتى حصولها على شهادة البكالوريا في العلوم التجريبيّة في جوان 1967. حصلت على الشهادة الجامعيّة في علوم الطبيعة من كليّة العلوم بتونس في جوان 1969 فمكّنتها هذه الشهادة من الالتحاق بكليّة الطبّ بتونس ابتداء من السنة الجامعية 1969-1970 حيث واصلت تعليمها العالي حتى تخرّجها. وخلال فترة التدريب الخارجي والداخلي، تركت حبيبة الجيلاني، بفضل لطفها وكفاءتها وتفانيها، انطباعا جيّدا لدى كلّ الذين عملوا معها ولا سيما في قسم الأشعة في مستشفى الأطفال، برئاسة خالها الأستاذ حسن الغربي، وذلك على الرغم من صغر سنّها. وفي هذا القسم شاركت حبيبة بفاعليّة في حملات الفحص بالموجات فوق الصوتية للكشف عن الكيس العداري (le kyste hydatique)، وهو آفة حقيقية انتشرت في شمال إفريقيا (شهادة شفوية لخالها الأستاذ حسن الغربي).
اجتازت في أكتوبر 1977 المناظرة الوطنيّة للحصول على الإقامة في الطبّ (Résidanat)، وبدأت تخصّصها في الجراحة العامّة وجراحة الصدر، ولا سيّما مع الأستاذ عزالدين النابلي، ثمّ انتقلت إلى مركز ماري لانيلونج الجراحي في فرنسا (Centre chirurgical Marie-Lannelongue) لإكمال تكوينها في جراحة الصدر. وفي نهاية هذا التكوين، قدّمت أطروحة دكتوراه في الطبّ بعنوان «صدمات الكبد» (Les traumatismes du foie).
عادت إلى تونس سنة 1981 حيث تمّ قبولها في مناظرة الأطبّاء المساعدين في المستشفيات الجامعيّة لجراحة الصدر (Concours d’Assistanat Hospitalo-Universitaire en Chirurgie Thoracique) وعيّنت بعد ذلك في قسم الجراحة العامة في مستشفى شارل نيكول بتونس ضمن فريق الأستاذ عزالدين النابلي. ثمّ انضمّت لاحقا إلى فريق الأستاذ طارق كيلاني في قسم جراحة القلب والصدر بمستشفى عبد الرحمن مامي للأمراض الصدرية في أريانة. ثمّ تمّ تعيينها طبيبة مستشفيات في سبتمبر 1990، وأستاذة محاضرة مبرّزة في جانفي 1993 وأستاذة مبرّزة سنة 2003.
كانت حبيبة الجيلاني عضوا في العديد من الجمعيات العلميّة والمنظمات المهنيّة، بما في ذلك الهلال الأحمر التونسي بصفتها عضوة في اللجنة المركزيّة بالإضافة إلى نشاطها مع وزارة الصحة العموميّة. وقد تمّ تعيينها في فيفري 2002، عضوًا في مجلس إدارة مستشفى عبد الرحمن مامي للأمراض الصدريّة في أريانة حيث عملت كممثلة للأطباء المحاضرين وأطباء المستشفيات العاملين داخل هذا المستشفى، وكذلك مسؤولة عن مكتبته، وشاركت بنشاط في إنشاء قسم جديد لجراحة الصدر والقلب والأوعية الدمويّة. كما كانت عضوًا في لجان تحكيم مختلف المناظرات، وعضوًا في هيئة الاختصاصات في أمراض الرئة وجراحة الصدر.
شغلت كذلك منصب كاتب عام مساعد للجمعيّة التونسيّة للجراحة من 1990 إلى 1996 ونائب رئيس الجمعيّة التونسيّة لأمراض الجهاز التنفسي من 1993 إلى 1996. وكانت أيضًا عضوا في جمعيّات علميّة وطنيّة ودوليّة أخرى، خاصةً منها جمعية أمراض الصدر والقلب والأوعية الدمويّة الناطقة باللغة الفرنسية (منذ عام 1982) والجمعيّة العربيّة لأمراض الصدر (منذ عام 1988). وبفضل حيويّتها وكفاءتها، خاضت حبيبة الجيلاني مسيرة ناجحة على الصعيدين المهني والاجتماعي. وقامت بتكوين العديد من جرّاحي الصدر والقلب والأوعية الدمويّة.
توفيت حبيبة الجيلاني في 12 سبتمبر 2007 في تونس.
وفي 20 أكتوبر 2007 وبعد أربعين يوم من وفاتها، تمّ تكريمها في كلية الطبّ بتونس وبهذه المناسبة خُصّصت قاعة لتحمل اسمها، ونشر موقع (santemaghreb.com) هذا التكريم تحت عنوان «حبيبة الجيلاني، رائدة الطبّ». لقد كانت تحيّة مؤثرة للغاية من زملائها. فبالنسبة للأستاذ الدكتور توفيق ناصر، رئيس مجلس عمادة الأطباء «كان نشاط حبيبة الجيلاني داخل الهلال الأحمر التونسي استمرارا لهدفها الأسمى ألا وهو مساعدة الفئات الأكثر ضعفًا، وتخفيف آلام الفئات الأكثر حرمانا».
ويعتبرها الأستاذ الدكتور إبراهيم الغربي، رئيس الهلال الأحمر التونسي «المرأة الأكثر تميّزا في الحياة الطبيّة في البلاد خلال العشرين عاما الماضية. فهي تمثل العقل المنطقي، والصدق الفكري الثابت، ولقد كرّست جهدها كليّا للطبّ العامّ، بعيدا عن كلّ وسائل الإعلام وعن الأهداف الربحيّة». أمّا بالنسبة للأستاذ علي الحرشاني، الأستاذ بكلية الطب بتونس فإنّ «لقسم أبقراط (Hippocrate) معنى كانت حبيبة هي التعبير الصادق والمقنع له، فهي المليئة بالقيم الإنسانية، والمرأة القوّية التي تميّزها الصرامة والتفاني». ويقول خالها الأستاذ حسن الغربي، الذي رافقها منذ صغرها «لقد غادرتنا حبيبة مبكّرا جدّا وبسرعة، تاركة فراغًا كبيرا، ولكن بالرغم من رحيلها المبكر فقد أتيحت لها في حياتها فرصة العمل مع كبار أعلام الطبّ والجراحة في تونس. وهي تبقى مثالاً يحتذى من قبل الشباب الذين خلفوها».
ولقد اكتسبت حبيبة الجيلاني، العاملة الدؤوبة، خبرة من أساتذتها وزملائها في العديد من مجالات جراحة الصدر ولكن بشكل رئيسي في مجال جراحة الأكياس العدارية وسرطان الرئة، وهي الأوبئة التي تمثّل الآفات الحقيقية في بلدنا.
وقد أقيمت لها احتفاليّة تأبين يوم : سبتمبر 2007 بحضور عائلتها وزملائها والمتعاونين معها وكذلك حشد كبير من مرضاها السابقين وعائلاتهم الذين أرادوا أن يوجّهوا تحيّة أخيرة لهذه المرأة ذات القلب الطيّب.
مختارات من مؤلفاتها
ساهمت حبيبة الجيلاني في كتابة أكثر من أربعين مقالا طبّيا ونشرها في المجلاّت الطبيّة التونسيّة والفرنسيّة والدوليّة من أهمها:
• Immediate postoperative arrhythmias follwing pneumonectomy for lung cancer ; Tunis Med. Vol. 79(11):617-20, 2001 Nov.
(بالاشتراك).
• Ultrasonographic, CT, and MRI findings of chest wall hydatidosis ; J Radiol., 84(2 Pt 1):143-6, 2003 Feb.
(بالاشتراك).
• Calcifying fibrous pseudotumor of the pleura: a rare location ; Ann Thorac Surg., 76(6):2081-2, 2003 Dec.
(بالاشتراك).
• A rare endothoracic tumor ; Ann Pathol., 23(5):457-9, 2003 Oct.
(بالاشتراك).
• Endobronchial hamartoma revealed by hemoptysis ; Tunis Med., 83(5):292-5, 2005 May
(بالاشتراك).
• Tuberculosis of the trachea ; Ann Thorac Surg. 82(5):1900-1, 2006 Nov.
(بالاشتراك).
- بالإضافة إلى ذلك، نشرت العديد من الدراسات وتقارير الموائد المستديرة في عديد المؤتمرات
سميرة العشّي (السميطي)
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية