مجالات النشاط

• العلوم التجريبيّة والطبيّة

حسيبة غيلب هي ثاني طبيبة تونسيّة، بعد توحيدة بن الشيخ، وأوّل امرأة طبيبة أطفال في تونس، وهي كذلك ناشطة في مجال حقوق المرأة ومثقّفة بارزة ذات مواقف.

ولدت حسيبة غيلب في 29 أكتوبر 1916 في تونس، وهي حفيدة الصادق غيلب شيخ مدينة تونس ووالي تونس، ومحمد غيلب كاتب العدل والباحث في الشريعة الإسلامية.

أصرّت والدتها على أن تواصل بناتها تعليمهنّ حتّى لا يعتمدن على الزوج أو الأخ. في ذلك الوقت، لم يكن من السهل تحقيق هذا الهدف دون إصرار هذه الأمّ التي اضطرت لمخالفة قواعد البورجوازيّة التونسيّة التي تنتمي إليها عائلتها (شهادة أمل وسامية طننّي ابنتي أختها).

وهكذا تمكّنت حسيبة بفضل إصرار أمّها من مزاولة تعليمها. وبعد حصولها على شهادة نهاية الدراسة الابتدائية في جوان 1928 من المدرسة الفرنسيّة جول فيري (Jules Ferry) الواقعة خارج سور المدينة. التحقت حسيبة غيلب مع شقيقاتها بمعهد أرماند فاليير (Armand Fallières) الذي أصبح لاحقا معهد نهج روسيا.

واتّبعت حسيبة غيلب بعد حصولها على شهادة البكالوريا في جوان 1936، خطى توحيدة بن الشيخ، التي اعتبرتها رمز المرأة التونسيّة الدارسة والمثقفة في القرن العشرين، فذهبت إلى الجزائر لدراسة المرحلة الأولى من الطبّ وفقدت، خلال الحرب العالمية الثانية، الاتصال بأسرتها (شهادة ابنة أختها أمل طننّي). ثمّ التحقت بعد ذلك بكلية الطبّ في باريس لمتابعة دراستها. ولم تتمكّن من التخصص في طبّ الأطفال في كلية الطب بباريس إلاّ بعد انتهاء الحرب (شهادة ابن أختها عزيز طننّي)، ثمّ ناقشت بنجاح أطروحتها سنة 1950، تحت عنوان «Les formes hépato splénomégaliques et à rechutes de la mononucléose infectieuse».

وهكذا، أصبحت حسيبة غيلب ثاني طبيبة تونسية، بعد قدوتها توحيدة بن الشيخ،  وأول طبيبة أطفال. ثمّ بعد عودتها إلى تونس، نظّمت السيدة بشيرة بن مراد، مؤسِّسة الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، حفل استقبال على شرفها كما فعلت لسلفها الدكتورة توحيدة بن الشيخ. وأصبحت حسيبة عضوا في هذا الاتحاد ومسؤلة عن الأنشطة الاجتماعية فيه، ممّا مكّنها من نشر ثقافة الصحّة وغرسها في المرأة التونسيّة.

تمّ تعيين الدكتورة حسيبة غيلب في قسم الطبّ العام بمستشفى شارل نيكول تحت إشراف الدكتور ساني بن موسى، ثمّ افتتحت عيادة طبّية في منطقة باب سويقة، في تونس العاصمة، فيما يعرف الآن بنزل العيّاشي (شهادة ابنة أختها أمنة شاكر). شهدت هذه العيادة تدفقاً كبيرا للأمهات وأطفالهنّ. ويعود هذا النجاح إلى سخاء الدكتورة حسيبة غيلب وحبّها للعطاء وإلى الوقت الثمين الذي كانت تمنحه لهؤلاء الأمهات وإلى النصائح الحكيمة التي كانت لا تبخل بإعطائها لهن.

دفعها حبّها لتونس إلى المشاركة في الحركة الوطنية حيث ندّدت بجرائم الاستعمار الفرنسي الذي مارس أفظع أنواع العنف ضدّ المرأة التونسية باغتصابها ومضايقتها. وعليه، كتبت تقريرًا طبيًا بعد التحقيق في أحداث تازركة سنة 1952، كشفت فيه اعتداء الجيش الفرنسي على الفتيات التونسيّات. وقد حقق هذا التقرير نجاحًا كبيرًا وترك أثرًا هاما لدى الأمم المتحدة.

وبعد الاستقلال، انضمّت حسيبة غيلب إلى الاتحاد الوطني للمرأة التونسية وقدّمت العديد من الخدمات الصحيّة الجليلة في مجال تنظيم الأسرة، ويذكر لها أنّها اقترحت طرقًا حديثة للتحكّم في الإنجاب، ودعّمت نضال زميلتها توحيدة بن الشيخ من أجل تعليم المرأة التونسيّة و توعيتها في مجال الصحّة الإنجابية.

شاركت حسيبة غيلب أيضًا في العديد من المؤتمرات الدولية فسافرت إلى اليابان والولايات المتحدة الأمريكية واكتسبت المزيد من المعرفة في مجال الصحة التي وظّفتها لصالح بلدها الأم.

كما ساهمت في حماية الأطفال من عدّة أمراض تصيبهم في العادة، وفي الحدّ من الوفيات وفي توعية الأسرة وتحسين خدمات رعايتها.

وفي نهاية الستينيات، نقلت عيادتها إلى 9 شارع أميلكار في تونس العاصمة. وواصلت ممارسة مهنتها بنكران ذات مثالي وحبّ كبير لمرضاها الصغار الذين تبعوها من باب سويقة إلى باب بحر.

وأخيرا توفّيت حسيبة غيلب في 11 أوت 1992 في تونس العاصمة.

المنشورات العلمية

نشرت الدكتورة حسيبة غيلب، بالتعاون مع فريق الدكتور ساني بن موسى، أربعة مقالات علميّة:

*Clinical and therapeutic findings on a case of purulent pneumococcal pericarditis. Tunis Med. 1956 May; 34(5):459-61

(عمل مشترك).

*Treatment of tuberculous meningitis. Tunis Med. 1959 Jun; 37:391-401

(عمل مشترك).

*Results isoniazid treatment of meningeal tuberculosis in Charles Nicolle Hospital. Tunis Med. 1956 Feb; 44(2):177-85

(عمل مشترك).

*Combination of antibiotics & corticoids in severe forms of infectious diseases in children.  Pediatrie. 1957; 12(6):639-46

(عمل مشترك).

 سميرة العشّي (السميطي)