لم تكن هالة بوسمّة مهندسة معمارية مشهورة على الصعيدين الوطني والعالمي فحسب، ولكنّها كانت أيضًا مدرّسة متمرّسة عملت في المدرسة الوطنيّة للهندسة المعماريّة والتّخطيط العمراني، حيث تحمل اليوم إحدى قاعات التدريس اسمها.
ولدت هالة بوسمّة يوم 25 أوت 1962 في القصرين. حصلت على البكالوريا علوم - رياضيات من المعهد الثانوي بالعمران في تونس في جوان سنة 1980، ثمّ زاولت تعليمها الجامعي في المعهد التكنولوجي للفنون والهندسة المعمارية والتعمير بتونس (ITAAUT) حيث حصلت على ديبلوم مهندس معماري في جوان 1989 وشهادة الدراسات المتخصصة في التخطيط العمراني في جوان 1995.
أتمّت بعد ذلك عدّة دورات تدريبيّة إضافية، على غرار دورة «سلامة المباني من الحرائق» في أكتوبر 2009، و«تقييم الأثر البيئي» في إطار المشاريع العمرانية في نوفمبر 2009. وبالإضافة إلى ذلك، حصلت على شهادة سلِّمت لها من طرف الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة – تونس- في ديسمبر 2009، على إثر إنهاء التدرّب على التحكم في الطاقة في المباني وتطبيق اللوائح الحرارية للمباني الجديدة.
التحقت هالة بوسمّة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعماريّة في باريس لافيليت (La Villette) بفرنسا من 2014 إلى 2016 حيث تحصّلت على شهادة في التّخصص وعلى شهادة الدّراسات المعمّقة في الهندسة المعمارية والمشروع الحضري بعد أن اختارت لأطروحتها عنوان «المدن الجديدة في تونس».
في عام 1989، التحقت هالة بوسمّة بوكالة الهندسة المعماريّة (B.BRUNO) في غرونوبل (Grenoble) بفرنسا، وبوكالة (A.U) لعثمان بن غانم وإبراهيم طقطق بتونس لتعمل كمهندسة معمارية. وبعدها أنشأت، سنة 1990، مكتبها للدراسات المعمارية الخاص بها « بوسمّة هالة» في فضاء تونس، حي الخضراء.
تميّزت هالة بوسمّة بمؤهلاتها المهنيّة العالية وباكتسابها لعديد المهارات في الهندسة المعمارية، من الخبرة إلى صياغة المشاريع وتحديدها وإعدادها وتقييمها والإشراف عليها، بما في ذلك تقديم الخدمات المعماريّة الكاملة، كما قامت بدراسات وأبحاث في المجال الحضري والبيئي. وأشرفت على تنسيق وإدارة العديد من المشاريع بالإضافة إلى ترميم المعالم التراثية وتثمينها.
قامت بتدقيق حراري على جميع المخططات (un audit thermique sur plan) قبل أيّ عمل وذلك للامتثال للمعايير البيئية. وكانت تهتمّ بشكل خاص بتأثير أعمال البناء على البيئة، وبالتالي كانت تعمل كمدقِّق حراري (auditeur thermique) مع الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة. لم تنحصر أنشطتها في مجال التخطيط العمراني والتنمية العمرانية في إنشاء مخططات عمرانية وحضرية فحسب، ولكن أيضًا في مجال التنمية السياحيّة والصناعيّة والعقارّية والاجتماعيّة والثقافيّة والرياضيّة، بالإضافة إلى البنية التحتيّة وتصوُّر الشبكات وتصميمها.
أمّا فيما يخصّ مسيرة التدريس فلقد درّست هالة بوسمّة بشكل أساسي ورشة السنة الرّابعة في المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير بتونس من 1999 إلى 2014، وأيضًا خلال السنة الجامعية 2017/2018 حيث قامت بتدريس برامج مختلفة مثل منهجية المشاريع والتحكم فيها. ونظّمت، خلال نفس السنة الجامعية، ورشة عمل للسنة الثالثة في المدرسة العليا للهندسة السمعية البصريّة والتصميم وكذلك ورشة عمل للسنة الرابعة في جامعة ابن خلدون (شهادة شفوية لأختها كوثر بوسمّة).كما أشرفت على العديد من أطروحات نهاية الدراسات في الهندسة المعماريّة وتولّت الإشراف على ورشات عمل متعددة. وترأست عدة مرّات هيئة تقييم أطروحات ختم الدّروس في الهندسة المعمارية بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير بتونس، وفي هذا الصدد يقول بعض طلاّبها «لقد رافقتنا وأرشدتنا وعلّمتنا لسنوات، بذلك الصوت الجميل العميق الدافئ وتلك الابتسامة التي عشقناها أثناء متابعة ورشاتها». وهكذا، احتلت هالة بوسمّة مكانة مهمّة في هذه المدرسة لفترة طويلة وترك غيابها فراغًا كبيرًا.
على النطاق الدولي، كانت هالة بوسمّة «أستاذًا زائرًا» من جانفي إلى جوان 2001 في الجامعة التقنية للهندسة المعمارية في فيينا في النمسا (Technical Universitat WIEN). كما قامت في جويلية / أوت 2006 بتأطير ورشة عمل صيفيّة لطلاب الهندسة المعمارية «Co Arc» في نيقوسيا في قبرص (Nicosie à Chypre). وشاركت في العديد من المؤتمرات والندوات والمعارض الوطنية والدولية وألقت محاضرات في المحافل الدولية.
وفي مجال المعمار، أنجزت هالة بوسمّة، من 1989 حتّى وفاتها، العديد من المشاريع في الهندسة المعماريّة والتخطيط العمراني في جميع أنحاء تونس وفي جميع القطاعات: جامعات، مطاعم جامعية، معاهد ثانوية، مدارس، مكاتب بريد، حدائق ترفيهية، فنادق... وضمّنت هذه المشاريع في وثيقة أطلقت عليها اسم «بورتو فوليو هالة بوسامة مهندسة معمارية» (Porto Folio).
وقد شاركت هالة بوسمّة أيضا في العديد من المسابقات المعمارية الوطنية والدولية وفازت بالعديد من الجوائز : ففي سنة 2013، تمّ اختيار مشروعها لبناء المركز الوطني للتعليم المستمرّ وإعادة تأهيل مديري الطفولة بالحمامات «المشروع الفائز». وفي سنة 2012، فاز مشروعها «المعهد الثانوي بضفاف البحيرة II بتونس» بالجائزة الثالثة. كما تمّ تصنيف المشاريع الأخرى على أنها «مشاريع نموذجية» مثل «مختبر النظافة الوطني» أو «المركز الدولي لاستقبال الشباب في برج السدرية». شاركت سنة 2016 في المسابقة الدولية المعمارية بمشروع «بناء الجناح الثاني لدار تونس بالمدينة الدوليّة بباريس» «جناح الحبيب بورقيبة» بالتعاون مع مجموعة مكونة من Dietmar Feichtinger Architects من منترويل (Montreuil)، مجموعة رائد الصخيري المعماريون بتونس، نزيهة مستاوي،Novorest Alternative Arc-C، Inex، AE Bretagne . وكانت هالة بوسمّة المهندسة الرئيسيّة في هذه المجموعة التي احتلت المرتبة الثالثة.
هذا، وكانت هالة عضواً في عمادة المهندسين المعماريين التونسيّين منذ سنة 1989 وفي مجلسها (من 1998 إلى 2000) وعضواً في الاتحاد المتوسّطي للمهندسين المعماريين.
وأخيرا، توفّيت هالة بوسمّة يوم 02 نوفمبر 2018 في تونس العاصمة.
سميرة العشّي (السميطي)
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية