مهندسة معمارية عالية الكفاءة، عرفت بدقتها وشغفها بمهنتها. دعمت، من خلال خبرتها ومهاراتها الكبيرتين، وعملها المتقن، التنمية في البلدان الإفريقية، وتطوير البنى والهياكل التحتية الاجتماعية لتعزيز الوصول إلى التعليم والصحة، وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال (شهادة شفوية لسونيتا بيتامبر، المديرة السابقة لرأس المال البشري والشباب وتنمية الكفاءات في البنك الأفريقي للتنمية).
ولدت هند مرابط في مدينة تونس يوم الخميس 10 جانفي 1963 حيث أتمّت دراستها الابتدائية في المدرسة الصادقية بين أكتوبر 1970 وجوان 1976 ثمّ دراستها الثانوية في مدرسة نهج الباشا حيث تحصّلت على البكالوريا رياضيات ـ علوم سنة 1982. وفي نفس السنة، أحرزت على شهادة مستوى (دبلوم) من معهد بورقيبة للغات الحيّة ممّا سمح لها بإتقان اللغة الإنجليزية في وقت مبكر جدًا إلى جانب الفرنسية والعربية (شهادتان شفويتان لفتحي الجلاصي، مهندس معماري مؤسس شركة Team International ورافلة مرابط شقيقة المتوفية) ولاحقا من اكتساب المعرفة الأساسية باللغة البرتغالية الضرورية لإنجاز مهماتها في البلدان الإفريقية الناطقة باللغة البرتغالية. التحقت، بمجرد حصولها على البكالوريا بالمعهد التكنولوجي للفنون والهندسة المعمارية والتعمير بتونس (ITAAUT) لمتابعة الدراسة في مجال الهندسة المعمارية، التي توِّجت بحصولها أولا على دبلوم الدراسات العليا (المرحلة الثالثة) في فيفري 1990، ثمّ على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة (DESS) في التخطيط والتهيئة العمرانية عام 1994 (شهادة شفوية لرافلة مرابط). اهتمت أبحاثها المعدة في إطار ختم الدّروس ودبلوم الدراسات العليا المتخصصة (DESS) على مشروعين مهنيين، وهما على التوالي متحف بيئي في قرقنة في إطار محاولة تعزيز تنمية جزر قرقنة وحمايتها ودراسة إعادة تأهيل منطقة القلالين في تونس.
تلقت هند مرابط تدريبات مختلفة منذ بداية دراستها في المعهد التكنولوجي للفنون والهندسة المعمارية والتعمير في عام 1982 حتى تخرجها في 1990 بهدف تزويدها بالخبرة وإدارة المشاريع اللازمة لممارسة مهنتها كمهندسة معمارية. وتركز العمل الذي تمّ خلال هذه الدورات التدريبية والمتعلق بتهيئة الفضاءات في المدن على تحليل التشكل والتصنيف الحضري للمباني ودراسة المساكن الاجتماعية «المنخفضة التكلفة» وإعادة تأهيل بعض الأحياء الشعبية، مما مكن هند مرابط من الحصول على تكوين مهني قوي سمح لها بفتح مكتبها الخاص للهندسة المعمارية في ماي 1991. يضاف إلى ذلك مهامها المختلفة في هندسة الفنادق في شركة الدراسات ARCADE كمهندسة معمارية متدربة (في عام 1989) ثم متعاونة (1990-1991) (شهادة شفوية لرافلة مرابط).
خلال عملها في القطاع الخاص، من جوان 1991 إلى أفريل 2003، وضعت هند مرابط وتكفلت بصفة كاملة، من مرحلة الإنشاء إلى مرحلة التنفيذ، بالعديد من المشاريع بما في ذلك المجمعات السكنية الخاصة والمنازل الاجتماعية «المنخفضة التكلفة» والمستشفيات والمدارس ومراكز البحث والتدريب والمباني الإدارية والمركبات الاجتماعية ــ الثقافية والرياضية والفندقية والمنشآت الصناعية والتجارية. لقد وضعت جميع مشاريعها وحققت إنجازاتها وفقًا لمبادئ التخطيط العمراني الذي يسمح بتحقيق التنمية الحضرية المستدامة عن طريق ربط الطلب على التوسع الحضري بحماية البيئة، والتنمية الإقليمية، التي تربط وتدمج في نفس الوقت التهيئة العمرانية، والتنمية الإقليمية والمحلية، والتنمية الاقتصادية، والنمو الشامل الذي يساعد على تقليل التفاوت الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك عملت هند، خلال هذه الفترة، على تطوير التعاون مع مكاتب وشركات هندسة معمارية مرموقة على غرار شركة الاستشارات الأمريكية «H2L2 Architects and Planners» لتوسيع وتجديد «المدرسة التعاونية الأمريكية بتونس (ACST) وكذلك الشركة الاستشارية البلجيكية «les Architecturées de Jacques Riguelle» لبناء بعض المنازل والمدارس في بلجيكا (شهادة شفوية لرافلة مرابط).
وقد أسفرت هذه التجربة المهنية الثرية عن تعيينها على الفور كموظفة سامية عندما تقدمت بطلب للعمل كخبيرة لدى بنك التنمية الأفريقي في عام 2002 (شهادة شفوية لفتحي الجلاصي). هكذا انضمت إلى هذا البنك في ماي 2003 حيث كانت تباعا وحتى وفاتها يوم الثلاثاء 6 فبفري 2018 مهندسة معمارية أولى (حتى مارس 2010) ثم مهندسة معمارية رئيسية في قسم التنمية الاجتماعية بادئ الأمر (حتى جوان 2006) ثم فى قسم التنمية البشرية بعد ذلك.
وفي بنك التنمية الأفريقي، كانت هند مرابط مكلفة، بوصفها أخصائية في التنمية الحضرية، بالمشاريع الاجتماعية التي يمولها البنك في الدول الأعضاء، ولا سيما بتطوير عمليات جديدة، وإدماج الاستدامة وحماية البيئة واحترام المعايير والامتثال لها في المشاريع الاجتماعية؛ والتحليل المالي وتقدير التكاليف ومتابعة وتنسيق الدراسات ، فضلا عن تشييد وإعادة تأهيل المباني. وفي هذا السياق، كان عليها أولاً إدارة مشاريع البلدان الناطقة بالفرنسية في غرب أفريقيا (ماي 2003- جوان 2006) ثم مشاريع كل البلدان الناطقة بالفرنسية في أفريقيا (جويلية 2006 – جانفي 2013) ، وأخيرا، منذ عام 2013، كل بلدان أفريقيا.
في هذه البيئة الجديدة المتعددة الجنسيّات والثقافات، نجحت هند مرابط بسرعة كبيرة في فرض نفسها من خلال كفاءتها وصرامتها المهنيتين، ولكن أيضًا من خلال طيبتها وسماحة اخلاقها وإنسانيتها. وكان زملاؤها السابقون بالبنك الأفريقي للتنمية يقدرون فيها، حسب شهاداتهم، مهنيتها وحيويتها وتفكيرها المنطقي وحسّها السليم وحبها للعمل المتقن والمنجز بروح الفريق واستعدادها وتفانيها في تحمل المسؤولية وصراحتها ونزاهتها الفكرية (شهادات شفوية لكل من: سونيتا بيتامبر، المديرة السابقة لرأس المال البشري؛ داودا مال، محلل الصحة الرئيسي السابق؛ ميمونة ديوب لي، رئيسة محللي الصحة والحماية الاجتماعية؛ فابريس سيرجنت، كبير محللي الصحة؛ بينيتا با دياقني، محللة الصحة الرئيسية السابقة؛ محمد جيي، كبير اقتصاديي التنمية؛ الدكتور فرانسوا رامدي، المنسق السابق لمشاريع دعم تطوير النظام الصحي).
في البنك الأفريقي للتنمية، لعبت هند مرابط دورًا رياديّا في المشاريع التي يمولها هذا البنك مثل مشروع دعم التعليم الثانوي في تونس عام 2012 مع إنشاء حوالي أربعين مدرسة ثانوية وعشرين إعدادية في جميع ولايات البلاد. وقد لعبت هند دورًا محوريًا في المراجعة الفنية لعنصر الهندسة المدنية أو بالنسبة لمشروع التربية والتعليم في السودان بين 2014 وأوائل 2015 (شهادة شفوية لمحمد جيي، كبير اقتصاديي التنمية في البنك الافريقي للتنمية).
ولقد أثار تنفيذ هند الناجح للمشاريع التي كانت مسؤولة عنها تقدير إدارة البنك وثقتها في وقت مبكر إلى درجة أنّ تقاريرها وآراءها كانت دوما تؤخذ بالاعتبار بالنسبة إلى تمويل أو رفض المشاريع (شهادة فتحي الجلاصي). وبالإضافة إلى ذلك، دفعت صفاتها الإنسانية والمهنية الممتازة المسؤولين إلى اقتراحها للقيام بالمهام الصعبة التي كانت تنفذها بنجاح ، الأمر الذي دفع بعض زملائها المقربين إلى وصفها، بنبرة مازحة، بأنها «سيدة رجال الإطفاء» (شهادة شفوية لداودا مال).
كما أثارت كفاءتها وصرامتها المهنية وانضباطها احترام جميع الأطراف الفاعلة في مختلف البلدان التي استهدفتها مشاريع البنك الأفريقي للتنمية، حيث نجحت في تشجيع قادة المجتمع على المشاركة في استدامة البنية التحتية من خلال التدريب الجيد والإدارة الرشيدة للمنشآت (شهادة شفوية لسونيتا بيتامبر). و لكل هذا فقد كانت هند مرابط تُستقبل، أثناء مهماتها في هذه البلدان، من قِبَل الوزراء أنفسهم (شهادة شفوية لفتحي الجلاصي)، الأمر الذي يشكل مؤشرا على ما كانت تحظى به من اعتبار واحترام.
وفي سنة 2008 منحها البنك الإفريقي للتنمية جائزة أفضل تقرير إشراف.
وإلى جانب هذا المسار المهني الثري كمهندسة معمارية حضرية، شاركت هند مرابط في أنشطة الجمعيات المهنية واهتمت بشواغل المجتمع المدني التونسي. فقد كانت عضوا في عمادة المهندسين المعماريين التونسيين (OAT) وعضوا نشطا في الاتحاد الدولي للمهندسات المعماريات (U.I.F.A)، ولم تكن تدخر جهدا في التعبير عن دعمها لنضالات النساء التونسيات من أجل ضمان حقوقهن والحفاظ عليها كمشاركتها، على سبيل المثال لا الحصر، في تظاهرة 13 اوت 2013 في تونس العاصمة (شهادة شفوية لرافلة مرابط).
أمّ كلثوم بن حسين
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية