لينا بن مهنيّ ناشطة حقوقيّة ومُدوّنة. ولدت بتونس في 22 ماي/مايو 1983. زاولت تعليمها الابتدائيّ في العاصمة والثانويّ في معهد الزهراء والعالي في كليّة العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة بتونس وكُلّلت مسيرتها العلميّة بنيل الأستاذيّة في اللغة والآداب الانجليزيّة ثمّ شهادة الماجستير. حصلت على منحة للولايات المتّحدة الأمريكيّة فدرّست في جامعة بوستن (Boston) العربيّة والصحافة، وعند عودتها إلى تونس اُلحقت بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة حيث درّست هناك بعض السنوات.
أنشأت سنة 2007 مدوّنة «بنيّة تونسيّة» (Tunisian Girl) التي تضمّنت مجموعة من القصائد والمقالات النقديّة والخواطر بالعربيّة والفرنسيّة والإنجليزيّة إضافة إلى عدد هامّ من الصور ومقاطع الفيديو التي توثّق الأحداث في تونس قبل سقوط نظام بن عليّ وبعده. وقد حُجبت المدوّنة عدّة مرات ولكنّ ذلك لم يُثن لينا عن مواصلة النضال من أجل الحريّات والكرامة والعدالة والمساواة وغيرها من المبادئ والقيم.فاستمرّت في الكتابة في موقع' الأصوات العالمية' انطلاقا من سنة 2008،وشاركت في عدّة مظاهرات وحملات تندّد بسياسات نظام' زين العابدين بن عليّ'.
دوّنت لينا أحداث الحوض المنجميّ في 2008 وشاركت في حملتي «سيّب صالح» و «نهار على عمّار» للاحتجاج على حجب عديد المواقع في تونس، وكذلك في فعاليّة «اليوم الوطني لحرّية التدوين» في 4 نوفمبر 2010 وشاركت في حملات لإطلاق سراح بعض الطلبة والطالبات المسجونين بسبب نشاطهم السياسيّ.
ساهمت لينا بن مهنيّ في التغطية الإعلاميّة عبر الإنترنت لثورة تونس إذ توجّهت إلى مدينة «الرقاب» في الجنوب لتغطي انتفاضة سيدي بوزيد ونشرت صور المتظاهرين الذين قتلوا برصاص الشرطة ومن بينهم الجرحى في مدوّنتها فذاع الخبر في أنحاء العالم. تقول «بن مهنيّ» معلّقة على أحداث 9 جانفي -يناير/ 2011: «لن أنسى تلك اللحظة حينما رأيت جثمان الشهيد نزار السليمي في بلدة الرقاب ممدداً وسط أهله وأصدقائه... انفطر قلبي حزناً لذلك المشهد الحزين». وتضيف: «لكن على الرغم من تأثّري لذلك المشهد إلا أنّه (كذا)أعطاني قوّة وعزيمة أكبر لمواصلة الكفاح من أجل إيصال أصوات هؤلاء الشهداء حتى لا تذهب دمائهم هدراً.»(مدوّنة «بنيّة تونسيّة») كما أنّها أرسلت عديد الفيديوهات حول المظاهرات التي عمّت أغلب الولايات إلى برنامج مراقبون على قناة فرانس 24 العربيّة الذي كانت تتعامل معه منذ 2010.
لم تتوقّف «لينا» عن المشاركة في أغلب المظاهرات التي نُظّمت بعد الثورة كتحرّكات المحامين واعتصامي القصبة 1 و 2 وحملة «مانيش مسامح»، التي تأسّست رفضا لقانون سُنّ في عام 2016، يعفو عن المسؤولين الذين تورّطوا في قضايا فساد زمن بن عليّ، وغيرها من المظاهرات.
تعدّ «لينا بن مهنّي» من ناحية أخرى، ناشطة في مجال رياضة المنتفعين بزرع الأعضاء، وقد تحصّلت على عدّة ميداليات منها: الميدالية الفضيّة في رياضة المشي في البطولة العالميّة للمنتفعين بزرع الأعضاء بتايلندا 2007، والميدالية الفضيّة في رياضة المشي في بطولة المغرب العربيّ والشرق الأوسط بليبيا 2008 والميداليّة الذهبيّة في المارطون في بطولة المغرب العربي والشرق الأوسط بليبيا 2009، والميداليّة الفضيّة في رياضة المشي في البطولة العالمية للمنتفعين بزرع الأعضاء بأستراليا 2010.
وقد أصبحت «بن مهنيّ» عضوا في الهيئة الوطنيّة المستقلّة لإصلاح الإعلام والاتصال عند تشكيلها في 2 مارس 2011 ولكنّها سرعان ما قدمّت استقالتها من الهيئة في 27 مايو حفاظا على استقلاليتها.
رُشّحت لينا بن مهنيّ إلى جانب المدوّنة المصريّة إسراء عبد الفتاح، والناشط المصريّ وائل غنيم لنيل جائزة نوبل للسلام لسنة 2011.
هذا وقد تحصّلت «لينا بن مهنيّ» على عدّة جوائز منها: جائزة دويتشة فيله (Deutsche Welle) العالميّة للمدوّنات «البوبز» عام 2011 (The BOBs ) . وكانت حسب موقع «ذي دايلي بيست (The Daily Beast) ضمن قائمة «أشجع مدوّني العالم»، وحصلت على جائزة الصحافة العالميّة من جريدة «الموندو» الإسبانية (El Mundo Deportivo)، وعلى الجائزة الشرفية 'لجوناس فايس' (Jonas Weiss Memorial) التذكارية، وعلى جائزة ماكبرايد،( Sean MacBride ) المكتب الدولي للسلام، 2012 (بالاشتراك مع نوال السعداوي)، وأريبيان بزنس،(Arabian Business) وجائزة مينيرفا (Minerva Award) 2012.وجاءت في المرتبة 23 ضمن «أقوى 100 امرأة عربيّة 2012»، وحازت على المرتبة 93 ضمن «أقوى 100 امرأة عربيّة 2013».
أطلقت «لينا» سنة 2016 مبادرة «من حقّ السجين أن يعرف» عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ لتجميع الكتب لفائدة السجون التونسيّة صحبة والدها الصادق بن مهنيّ الذي كان سجينا سياسيّا سابقا. وتندرج الحملة في إطار التصدّي لظاهرة استقطاب الجماعات المتطرّفة للمساجين.ولم تمنعها حالتها الصحيّة المتدهورة بسبب قصور كلوي من إطلاق مبادرات لتجميع الأدوية لفائدة المحتاجين من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ مثل حملة «وينو الدواء»، دفاعا عن الحقّ في العلاج والحقّ في الحياة.
نشرت لينا في 2011 كتابا بالفرنسية بعنوان «بنيّة تونسية: مدوّنة من أجل ربيع عربيّ»
(Tunisian Girl, blogueuse pour un printemps arabe», Indigène Edition, Montpelier 2011).
توفيت يوم 27 جانفي/ يناير 2020 بعد مسيرة خالدة من البذل والعطاء والدفاع عن المهمّشين والمنسيين والمظلومين والمقموعين.وقد قرّرت رئاسة الجمهوريّة تنظيم جنازة وطنيّة للراحلة، وأصدر البريد التونسيّ طابعا يحمل صورتها واسمها، وخصّص الاتّحاد الأوروبّي جائزة لحرّية التعبير تحمل اسمها، وتأسّست مؤخّرا جمعيّة تحمل اسمها .
آمال قرامي
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية