مجالات النشاط

• الآداب والفنون

هي مطربة تونسيّة اسمها الحقيقيّ حليمة بن معاوية، وُلِدت في 24 فيفري 1934 بمنطقة «أزمور» بجهة قْليبية من ولاية نابل، وتًوفّيَتْ في 18 أكتوبر 2020.

نَشَأتْ نعمة بالمدينة العتيقة بتونس العاصمة وتحديدا في نهج الباشا حيث تعرّفت على البَشير الرّْصَايْصي صاحب شركة صناعة الاسطوانات «بَيْضَافون» والفنّان حْسَنْ الغَرْبي صاحب «فرقة العصر» التي ساهمت معها في إحياء حفل موسيقي خيري بمقرّ «دَار الجِلْد» صُحْبَة الفنّانة التونسيّة «عُليّة» والمطربة «ناريمان»، وكانت هذه المرة الأولى التي تصعد فيها نعمة على الركح وتُغنّي أمام الجمهور. وبعد ذلك الْتَحَقَتْ بفرقة الرشيديّة في أواسط الخمسينات من القرن العشرين وتعرّفت فيها على الأستاذ صالح المَهْدي الذي لَقّبَها بِـ «نعمة» وأشْرَفَ على تكوينها الموسيقيّ ولَحّنَ لها جُزءًا كبيرا من رصيدها الغنائيّ.

شاركَتْ نعمة في الحفلات الأسبوعيّة والشهْريّة التي كانَتْ تُقيمُها فرقة الرشيديَّة، كما كَانت مِن بَيْن المشاركين في حفل فرقة الرشيديّة مع المجموعة الصوتيّة الأمريكيّة التي زارَتْ تونس سنة 1958.

وبعد الاستقلال، وتحديدا سنة 1958 الْتَحَقَتْ نعمة بالمجموعة الصوتيّة لفرقة الإذاعة التونسيّة (الكحلاوي، محمد، «من مظاهر الحداثة في الموسيقى التونسية»، مجلة الحياة الثقافية، العدد 125، تونس، وزارة الشؤون الثقافية، 2001، ص. 31.)، إلى أن أصْبَحَتْ فيما بعد إحدى المطربات الرئيسيّات للفرقة، وقد اعْتَنَى بها الفنّان المصري فَهْمي عَوَضْ الذي اسْتَجْلَبَتْهُ الإذاعة ليُشرفَ على تكوين مطربيها، فلقّنها الموشحات الشرقية، ثم تعامَلَتْ مع أبرز الملحّنين التونسيين مِنْ أمْثال محمد رضا والشَّاذْلي أَنْور والهادي الجويني وقَدُّورْ الصّْرَارْفي ورضا القَلْعي ومحمد الجَمُّوسي وغيرهم. كما غنّت نعمة لأبرز الشعراء التونسيين والعرب مِنْ أمْثال نور الدين صَمُّود وزُبَيْدة بِالشّيخ والعَرْبي الكَبَّادي وأحمد خَيْر الدّين وأبي القاسِم الشّابي ونِزار قبَّاني. وقد مكّنها انضمامها إلى فرقة الإذاعة من المشاركة في حفلاتها خارج تونس، وبذلك زارَتْ عدّة بلدان عربيّة وغربيّة مثل لبنان والمغرب وليبيا وفرنسا.

تَـمَيّزتْ نعمة بقدرات صوتية عالية مكّنتها من أداء العديد من الأنماط الغنائيّة التونسيّة حيث أدّت الموشّحات ونوبات المالوف والأغاني الشعبية مثل «صَالْحَة» و«مَكْحُولَة أنْظَارَه» والأغاني العاطفيّة مثل «اللّيلَة آهْ يَالِيلْ» التي لحّنها الأستاذ صالح المهْدي و«النَّدَمْ مَا بْقَاشْ يْفيدِكْ» التي نَضَمَها الشاعر عبد الرّزّاق كَرَبَاكة ولحَّنَها المؤلّف المصري السَّيّد شَطَّا و«شَرْعْ الحُب» وهي من تأليف الشاعر مُصطفى خْرَيِّف وتلحين الشّيخ خْمَيّسْ التَّرْنَان الذي لحّن لها أيضا «لَيَّعْتني بْشَدْ الهَوى يا دُوجه» وقد أدَّتْهُما نعمة في إطار فرقة الرشيديَّة. كما أدّت نعمة الأغاني الوطنيّة والقصائد والنّشيد الدّيني مثل «يَا رَبْ لَكْ ألْفْ حَمْدْ» وقد لحّنها السَّيّدْ شَطَّا و «اللّيلَة عِيدْ» التي أصبحت بمثابة الأغنية الرسميَّة للأعياد الدينيَّة في تونس.

ويبقى تعامل المطربة نعمة مع الملحّن التونسيّ الشَّاذْلي أَنْور بمثابة المرحلة الأهمّ في مسيرتها الغنائية، حيث لحّن لها العديد من الأعمال في أنماط وأغراض مختلفة مثل النمط العاطفي وغنّت فيه نعمة «أَنا قَلْبي ليكْ عْطيتو» للشاعر عمر الرّيَّاني و«توسّمْتْ فيكْ الخيرْ» للشاعر محمد بوذينة، والنمط الوطني الحماسي مثل «جَيْشِكْ يا تونس يَحْميكْ» وهي من نَظْم الشاعر عْمَارَة الـمِرْسْني و«أُحبُّ بلادي» للشّاعر جَعْفر ماجد و«أنا إسْمي تونس» للشّاعر عبد الصمد كُرْشيد، والنمط المدحيّ على غرار «المجد لجامعة العرب» و«لِيبْيَا أزكَى السّلام» وهُما مِن نَظْم الشَّاعر جلال الدّين النَّقَّاش.

ثمّ إنَّها غَنَّت أيضا في النمط الدينيّ «حُجّاجُنا طُوبَى لَكُم» للشّاعر مُصطفى عَزُّوز و«عُدْنَا مِنَ البَيْتِ الـمَعْمُور» للشَّاعر أحمد الزَّاوْيَة. كما نوّع الشاذلي أنور في القوالب الغنائيَّة حيث ألّف لها القصيدة مثل «تَلُومُني الدنيا إذا أَحْبَبْتُهُ» للشاعر السوريّ نزار قَبَّاني و«أسَفِي أَنّكَ لَمْ تُدْرِكْ حَنيني» للشَّاعرة زُبَيْدَة بْشِيرْ، والأغنية مثل «أنا خَايْفَة مِنْ قلبي عْليكْ» للشَّاعر قاسم عبد القادر و«لَبَّسْتِكْ مِنْ عَطْفي حُلَّه» التي ألّفها الشّاعر التونسي أحمد خَيْر الدّين، و«هُوَّ يَمّه لَسْمَرْ» وهي في النّمط البِدويّ ألّفها الشاعر الهادي علي، وقالب النشيد مثل «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَامَ فِينَا مُنذِرًا «للشَّاعر نور الدين صَمُّود.

وإلى جانب الملحّنين التونسيّين، تَعامَلَتْ نعمة مع عدد من الملحّنين المصريّين واللّيبيّين الذين تعرّفوا عليها أثناء سَفَرها لإحياء الحفلات بالخارج، فقد تعامَلَتْ مع الملحّن المصريّ سَيِّدْ مَكَّاوي والملحّن اللّيبي حْسَنْ العْريبي وسَلامْ قَدري وكَاظِم نَديمْ.

عائشة القلاّلي