0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

نايدي فرشيو

[2013-1945]
مجالات النشاط
  • العلوم التجريبيّة والطبيّة

اتّسمت المسيرة المهنيّة لنايدي فرشيو بتنوّع المجالات الّتي اهتمّت بها خلال العقود الثلاثة الّتي قضّتها صلب المعهد الوطني للآثار والفنون سابقا (المعهد الوطني للتراث حاليّا) إضافة إلى الجامعة التونسيّة الّتي درّست بها من سنة 1973 إلى سنة 2005.

تحصّلت على الإجازة في التاريخ سنة 1967 ثمّ الأستاذيّة في التاريخ والآثار الكلاسيكيّة سنة 1968 بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السربون، ثمّ دكتوراه الحلقة الثالثة سنة 1972، وقد نشرت سنة 1975 تحت عنوان:

Architecture romaine de Tunisie. L’ordre, Rythmes et  Proportions dans le Tell, Tunis, INAA,   

ودكتوراه الدولة بنفس الجامعة سنة 1985 ونشرت سنة 1989 تحت عنوان:

Décor Architectonique d’Afrique Proconsulaire. IIIs.avant J.-C-Is après J.-C, France, Gap,

تمّ انتدابها بالمعهد الوطني للآثار والفنون سنة 1973 برتبة مكلّف بالبحوث التاريخيّة والأثريّة وانتقلت إلى رتبة أستاذة بحوث ثمّ مديرة بحوث سنوات 1981 و 1989.

تقلّدت مهامّ رئيس مصلحة التفقّد والتسجيل للمواقع والمعالم ثمّ رئيس قسم الهندسة المعماريّة والترتيب سنة 1993. ودرّست بالجامعة التونسيّة بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعية بتونس، كما كانت عضوا مراسلا للمعهد الأثري الألمانيّ وباحثا معاونا بمعهد البحوث حول المعمار القديم بالمركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي.

تعدّدت نشاطات نايدي فرشيو وتكاملت إذ جمعت بين الاستكشاف الميدانيّ والحماية بكلّ أنواعها الماديّة والقانونيّة، للعديد من المواقع والمعالم، وكذلك الجرد والدراسة. ونشرت مائة وسبعين مقالا وكتابا كما أثرت المكتبة القصصيّة بإصدارين (Ombres Carthaginoises, Paris, lHarmatan, 1988) و (La Mort de César, Tunis, Nirvana, 2013).

ونذكّر أيضا بأنّها أصدرت قصصا أخرى تحت أسماء مستعارة (ص 7،

Gros, Pierre,In Memoriam, Une Evocation de Naïdé Ferchiou. Antiquités africaines, 2014-2015)

ومن أهمّ النشاطات الّتي طبعت المسيرة المهنيّة لنايدي فرشيو الاستكشاف الميدانيّ وخاصّة أمام تحدّيات الزحف العمراني على المجال الريفيّ وتطوّر وسائل الإنتاج الفلاحيّ، إضافة إلى تكاثر الحفريّات العشوائيّة غير القانونيّة. وتتمثّل نجاعة هذا العمل في فهم أصول الحياة البشريّة خلال العهود القديمة مع تحديد الأولويّات لبرمجة الحفريّات.

وقد تمكّنت الباحثة نايدي فرشيو من استكشاف مساحة تناهز 300 كلم2 شملت الخرائط الطوبوغرافيّة التالية: زغوان-جبل منصور- مجاز الباب- بوعرادة- جبل فكيرين- برقو-بوفيشة- بئر مشارقة- سليانة وجبيبينة جزئيا، ممّا جعل أعمالها مرجعا فريدا نظرا إلى تعدّد مكتشفاتها وتنوّعها، فمنها الجنائزيّة والدينيّة والسكنيّة والدفاعيّة. تبعا لعمليّة الاستكشاف سهرت الباحثة على تحديد المواقع الأثريّة ونذكر منها بالخصوص: سوار، أمّ الأبواب، قصر السودان، هنشير الباز ومعلم المياه بزغوان. كما مكّنت نايدي فرشيو وزارة أملاك الدولة وبعض البلديّات من بسط نفوذها على بعض المواقع والمعالم ومنها على سبيل الذكر موقع سوار، قصر سودان، ضريح بوعرادة وحمّامات بئر مشارقة. كما سهرت أيضا على بناء مخازن أثريّة لحماية المنقولات وتجهيزها. وأشرفت على ترميم المعالم إذ تعدّ من أهمّ المختصّين في هذا المجال، نظرا إلى تمكّنها من تقنيّات البناء القديم حسب شهادة الأخصائيّين، مع سهرها على تكوين عملة مختصّين في نقش الحجارة. وقد رممّت في هذا الإطار مثلا: ضريح بوعرادة، ومعبد المياه بزغوان والعديد من أقواس النصر، كما ساهمت في تهيئة الحدائق الأثريّة مؤكدّة دورها في تثمين التراث مثل الحديقة الأثريّة ببوعرادة ومنتزه الحمّام الرّوماني ببئر مشارقة أو قوس النصر بتبرسق. أمّا مشروع متنزه معبد المياه بزغوان فقد أفردته بكتاب قيّم هو

Le chant des Nymphes : les aqueducs et les temples des eaux de Zaghouan à Carthage Tunis, Nirvana, 2008

وتشكّل مجموع المعلومات الّتي نشرتها نايدي فرشيو رصيدا معرفيّا هامّا يمهّد للبحوث المستقبليّة خاصّة وأنّها لم تتمكّن من القيام بالحفريّات الضروريّة بعد اكتشافاتها الميدانيّة. ولم يرافق الفقيدة إلاّ القليل خلال تنقلاّتها العديدة، سواء بإمكانيّات المعهد أو غالبا بإمكانيّاتها الخاصّة، ما عدا والدتها في غالب الأحيان، ولذا إعادة العمل الميداني يجب من خلال منشوراتها للعثور على ما دوّنته. كما فتح الرصيد المعرفي والمختصّ الّذي تمتّعت به نايدي فرشيو أمامها الأبواب للمشاركة في العديد من المشاريع الدوليّة بتونس مع الأطراف الأمريكيّة والدنماركيّة والألمانيّة والفرنسيّة.

وتعدّ أطروحة الدولة الّتي نشرتها على حسابها الخاصّ عملا مرجعيّا فريدا بثراء مكوّناته وتحاليله ونتائجه المتنوعّة. وقد شملت هذه الأطروحة ما يفوق السبعمائة عنصرا معماريّا، وقد اكتشفت الكثير منها خلال تنقلاّتها الميدانيّة أو أثناء عمليّات الجرد، وجمّعتها حسب الأصناف مع وصف دقيق لكلّ مكوّناتها. وتكمن أهميّة عملها في غياب المرجعيّات حول هذا النوع من العناصر المعماريّة، لذا يمكن اعتبارها أهمّ مختصّ في المعمار الأثري القديم، ممّا سيجعل من أطروحتها على المدى البعيد المرجع الأساسيّ والضروريّ لكلّ دراسة حول إفريقية الهلّينيّة والرومانيّة (Ferchiou, Naïdé  في Gros, Pierre) .

وقد حاولت نايدي فرشيو في أطروحتها تفادي الصراعات الإيديولوجيّة بين المدارس التاريخيّة حول مفهوم «الهلّينيّة» وتأثيراتها على الحضارة البونيّة، إذ هي ترى في الهلّينيّة تواجد بعض عناصر التزويق المستوحاة من العالم الإغريقي والمميّزة أحيانا للمعمار النخبويّ الّذي يطبّق مفاهيم البناء الهلينيّة، خلافا لغيره أي للمعمار المتشبّع بالإرث الإفريقي المحلّي السائد منذ فجر التاريخ

(Décor Architectonique d’Afrique Proconsulaire .IIIs avant J.-C.Is après J.-C, France Gap, 1989, VII).

 

وقد مكّنها هذا العمل من متابعة كافة أطوار الهلّينيّة الإفريقيّة ومساهمتها في إبراز فخامة المعمار خلال الفترة الرّومانيّة مع المحافظة على الخصوصيّات المحليّة الموروثة عن الحضارة البونيّة منذ بروز هذا التيّار الثقافي المحلّي إلى أفوله.

وإلى جانب المظاهر الفنيّة والتقنيّة لهذه العناصر والاستنتاجات الهامّة حولها، قدّمت السيّدة فرشيو أيضا شهادة حول السّياسة والمجتمع أرّخت من خلالها لعقليّات المجتمع الإفريقي وأذواقه خلال الفترة الرّومانيّة، راسمة مظهرا من تاريخ الفنّ في هذه الرّبوع. واستنتجت من دراستها أنّه بقدرما قبِلَ المجتمع الإفريقي بسلطة روما السياسيّة احترمت روما من جهتها الثقافات المحليّة بكلّ أشكالها ولم تحاول فرض ثقافتها الإغريقيّة اللاتينيّة عنوة. وقد يرجع تبنّي الحضارة الرّومانيّة بإفريقية إلى الدور الهامّ للطبقات الاجتماعية الميسورة والنخّب الّتي ساهمت في ولادة الفنّ الرّومانيّ الإفريقي وتفوّقه مع تواصل الأشكال والأنماط الموروثة عن الحقب التاريخيّة السابقة بالمناطق الريفيّة والمدن الصغيرة حتّى العصور المسيحيّة المبكّرة.

ونذكّر أخيرا باعتراف أهل الاختصاص بمكانة نايدي فرشيو في مجال دراسة المعمار القديم بضفّتي المتوسّط حيث أصبحت أعمالها المرجع الأساسيّ للزخرفة المعماريّة بإفريقية خلال العصور القديمة.

الحبيب بن يونس

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا

اقترح شخصية

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
رقم الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%