كاتبة تونسيّة من أصول سوريّة، بل ورائدة في الكتابة الأدبيّة النسائيّة وفي صحافة المرأة والمجتمع والإعلام الإذاعي بالخصوص. ولدت في دمشق سنة 1926 من أب سوري وأمّ تركيّة ثمّ هاجرت في سنّ العشرين إلى تونس حيث تحصّلت على الجنسيّة التونسيّة واستقرّت صحبة زوجها الجزائري طيلة 42 سنة حتّى وفاتها سنة 1988.
ناجية ثامر أديبة متكاملة موهوبة، ولا سيما في الأدب السّردي، اتخذت لنفسها اسمًا فنّيًا هو «بنت الواحة» وبه اشتهرت. وكان حضورها في نوادي الأدب ومحافل الثّقافة لافتًا، وعرفت بأنّها أديبةُ فكرةٍ وموقف أساسا.
انتمت بنت الواحة إلى عديد المؤسّسات الاجتماعية والثقافية كالاتحاد النسائي وجمعيّة حقوق المؤلفين واتحاد الكتّاب التونسيين فضلا عن نشاطها في الإذاعة الوطنية حيث أنتجت سنة 1947 برنامجا إذاعيا عن المرأة بعنوان «من وراء الحجاب» دام بثّه ما يقارب العشر سنوات، ثمّ أنتجت برنامج «حصة المرأة» وكانت رائدة في هذا، وأشرفت في مجلّة الإذاعة على ركن اجتماعي بعنوان «يا ناس دلّوني». وكان لها جدل ثقافي كبير مع الدكتور محمد فريد غازي ذي النزعة الاشتراكية حول توجّهها النسويّ.
كان إنتاجها الأدبي والفكري غزيرا ومتنوّعا شمل مختلف الأجناس الأدبية وخاصّة منها القصّة والشعر والمسرحيّة والتمثيليّات الإذاعيّة التي بُثّث في كلّ من تونس والجزائر والمغرب.
وقد نشرت كتابين عن المرأة أيضا : الأوّل بعنوان «المرأة والحياة» (1956)، والثاني في التعريف بأسماء بنت أسد بن الفرات (1977) وأربع مجموعات قصصيّة هي على التوالي: «عدالة السماء» (1956) و «أردنا الحياة» (1956) و«سمر و عبر» (1972) و «التجاعيد» (1978) فضلا عن قصص للأطفال بعنوان «حكايات جدّتي»(1973) وجملة من الأشعار.
ذكر الباحث المسرحي منصف شرف الدين أنّها كتبت ما لا يقلّ عن 136 تمثيليّة بالفصحى منها «الخنساء» و«الأمير الفنّان» و«نهاية ظالم» و«المجد للأم» و«الفارس الملثّم» و«ابن الأخرى» و«سقراط الحكيم «... وبالدارجة منها «شعفة وتوبة» و«الحقّ في شكون؟»... وقد أخرج تمثيليّاتها الإذاعيّة كلّ من حمّودة معالي وحمّادي الجزيري ومحمد الهادي وعبد الحميد بن هدوقة.
وهكذا تكون ناجية ثامر قد جمعت بين الكتابة الأدبيّة عن أوضاع المرأة والمشاركة في الحركة النسائيّة الهادفة إلى تحسينها والنهوض بها، وبين التعبير المباشر لتوصيفها والتعبير الرمزي عبر تمثيليّات إذاعيّة، وأشرفت بنفسها على إنجازها قصد توعية المرأة بقضاياها وحقوقها: لقد «التزمت ناجية ثامر ترقية المرأة والنهوض بها في فترة كانت فيها بأمسّ الحاجة الى معلّمة نصوح تهزّها من غفوتها التاريخية وتنتشلها من عوالمها المغلقة لتصلها بأسباب الحياة الحقيقيّة، حياة الفعل والإيمان بوجودها الإنساني وبدورها الأساسي داخل الأسرة والمجتمع» (ريم عمار: «ناجية ثامر حياتها وآثارها»، شهادة كفاءة في البحث نوقشت بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بتونس، 1989).
فكأنّها قدمت من سوريا بشحنة تثويريّة وتنويريّة لم تتمكّن من تفجيرها هناك فوجدت في تونس الجوّ الملائم لنشرها عبر وسائل تعبيريّة متنوّعة، وبالخصوص الوسائل السمعيّة والمؤلّفات الإبداعيّة التي لقيت رواجا كبيرا فكُتبت عنها العديد من الدراسات والمقالات الصحفيّة، وكوّنت جمهورا من النساء كان يُتابع بشغف حصصها الإذاعيّة ويتفاعل معها.
محمود طرشونة
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية