ناجية كبير عريڤيب هي أستاذة كيمياء عرفت بحماسها الشديد للبحث والتطوير لتحقيق التنمية، وكفاحها من أجل إرساء مخابر بحث تطبيقي بالجامعة التونسيّة، وقد توّج نضالها، بفضل الإرادة السياسيّة في ذلك الحين، بإنشاء المعهد الوطني للبحوث العلمية والتقنية، الذي ساهمت بجهد كبير في بعثه، بالتصميم والهيكلة، وشغلت فيه مهمّة أول مدير عام (François Siino ,2004). وبذلك تركت بصمتها في مسيرة البحث العلمي في تونس.
ولدت ناجية كبيّر عريڤيب في 26 سبتمبر 1937 وزاولت تعليمها الابتدائي بالمدرسة الفرنسيّة العربيّة بشارع زروان بتونس. وفي سنة 1949، نجحت في امتحان الصف السادس والتحقت بالمدرسة الإعدادية بنهج الباشا (Jamila Bahri Binous, 2016).
فتح هذا النجاح الطريق أمام ناجية لتواصل تعليمها وتتمكّن من الحصول على شهادة ختم دروس المرحلة الأولى، ودبلوم في اللّغة الإنجليزية يُمنَح من السفارة البريطانية.
وبعد نجاحها في اجتياز الجزء الأول من شهادة البكالوريا سنة 1956، اختارت متابعة دراستها في شعبة الرياضيات الأساسية في معهد كارنو لتتحصّل على الجزء الثاني من شهادة البكالوريا في سبتمبر 1957. التحقت بعد ذلك بمعهد الدراسات العليا بنهج سوق اهراس بتونس، سنة 1958. وفي بداية السنة نفسها، أُنشئت الجامعة التونسيّة فواصلت ناجية دراستها العليا في الكيمياء و تحصّلت على الإجازة، سنة 1960.
خلال فترة تعليمها العالي، ونظرا لمغادرة معظم الإطارات التربوية من الفرنسيّين البلاد، اختارت ناجية العمل كمُحضر مختبر في بعض المؤسّسات، ومنها مدرسة ترشيح المعلمين بتونس في أكتوبر 1958، لتتم نقلتها بعد ستة أشهر في مثل خطتها، للعمل في كلية العلوم بتونس حيث أصبحت فيما بعد مساعدة في التعليم العالي، بداية من جانفي 1961.
وحرصًا منها على مواصلة أبحاثها، تمكنت فيما بعد من التمتّع بتسريح من العمل ومن منحة تفرّغ لإعداد شهادة دكتوراه دولة في فرنسا. حيث بدأت أبحاثها في الكيمياء المعدنية في كلّية العلوم بأورساي الباريسيّة، وناقشت أطروحتها بعد خمس سنوات في جوان 1973 بنجاح (Jamila Bahri Binous, 2016).
وفي نفس السنة، عادت من باريس لتلتحق بدار المعلّمين العليا بتونس كأستاذة محاضرة ثم أستاذة تعليم عال في الكيمياء المعدنيّة. وفي سنة 1982، عندما انتقلت دار المعلمين العليا إلى بنزرت، أنشات ناجية مخبر أبحاث في الكيمياء الفيزيائية غير العضويّة، وتفرّغت للبحث بوصفها منسقة للمشروع الوطني التونسي للفوسفاط والمحلول المِلحي، وانضمّت إلى الهيئة المسؤولة عن تطوير النصوص ودراسة التصاميم وتشييد مباني المعهد الوطني للبحث العلمي والتقني (INRST) ببرج السدرية في سنة 1983. ونظرا إلى المجهود الكبير الذي بذلته لإنشاء هذا المعهد، فقد تمّ اختيارها مديرة عامة له (François Siino, 2004).. وهي التي وضعت هيكله في سبعة مراكز: الطاقات المتجددة، والكيمياء التطبيقية، وعلوم وتقنيات المياه، وبيولوجيا النبات، والتكنولوجيا الحيويّة، وعلوم الأرض وعلوم البحار (François Siino, 2004). وبداية من سنة 1986، فقد البحث العلمي الأولوّية في تونس لأسباب اقتصادية (François Siino, 2004) فقدمت ناجية كبير عريڤيب استقالتها سنة 1988 من إدارة المعهد والتحقت بجامعة الرياض بالمملكة العربية السعوديّة في نطاق التعاون الفني.
في نهاية سنة 1994، عادت السيّدة عريقيب إلى المعهد الوطني للبحث العلميّ والتقني (INRST)، كأستاذة باحثة مشرفة على تأطير طلبة شهادة الدراسات المعمّقة وطلبة الدكتوراه حتى إحالتها على التقاعد سنة 2002.
ولقد مثل إنشاؤها لمخبر الكيمياء الفيزيائيّة (LPCM)، عاملا مهمّا ساعدها على تثمين بعض المخزونات الطبيعية مثل الفوسفاط المزدوج ورواسب الطين التونسيّة، ممّا دعم قيمة أبحاثها ومكانة مخبرها ومكّنها من نشر عدة مقالات علميّة وتأطير العديد من الطلبة.
ناجية كبير عريڤيب كانت أيضا عضوا باللجنة التأسيسية لجمعية قدماء معهد نهج الباشا وقد تمّ تعيينها، في 24 ديسمبر 1983 منسقة لهذه الجمعية، ثمّ وقع بعد ذلك انتخابها رئيسة لها في دورتين (1984 و 1994). كما ساهمت في حملة ترميم مدرسة نهج الباشا وكذلك في إصدار مجلة ملتقى الأجيال. وشاركت في إعداد الذكرى المئوية لهذا المعهد وإنتاج شريطين قصيرين عن الجمعية وتاريخ المعهد.
كانت ناجية كبيّر عريڤيب إذن ناشطة في المجتمع المدني، وحظيت كذلك بعضوية مؤسّسات علميّة كالأكاديمية الإفريقية للعلوم (AAS)، وأكاديمية العلوم للعالم النامي (TWAS)، والاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقيّة (IUPAC)، والأكاديميّة العربيّة للعلوم، والمجلس الاستشاري الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا، والجمعيّة الكيميائيّة التونسيّة.
نالت ناجية كبير عريڤيب وسام الاستقلال سنة 1983، ووسام الجمهورية سنة 2001 (Jamila Bahri Binous,2016). وتوفّيت سنة 2016.
مختارات من مقالاتها
• Setting up a center for applied chemistry; research on phosphates, brines, clays... (https://www.pist.tn/record/119646?ln=fr). Cited in : The Role of Women in the Development of Science and Technology in the Third World. Edit. Faruqui, A . M., Hassan, M . H , Sandri, G.; 1991, 783-789 - World Scientific Publishing
•Thermodynamic Study of the Solid-Liquid Equilibria in the Systems MIPO3-Pr(PO3)3 (MI=Na, Rb, Cs OR Ag) ; J. Therm. Anal. Calorim. ; 1998, 53(3), 871. (en collaboration).
•Treatment of Tunisian salt lakes using solubility phase diagrams ; Pure Appl. Chem. ; 2001, 73(5), 761. (en collaboration).
•Crystal growth, structural and spectroscopic characterization of undoped and Yb3+-doped fibers ; Optical Materials ; 2003, 22(2), 117. (en collaboration).
•A mineralogical identification of a Tunisian clayey soil and fabric changes during wetting ;
Clay Minerals ; 2010, 45(3), 326. (en collaboration).
حسن العمري
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية