0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

نورة البورصالي

[1953-2017]
مجالات النشاط
  • الالتزام والنّضال في الحياة العامّة

ولدت نورة البورصالي في 19 أوت/آب 1953 لأبوين نقابيين، فوالدها طاهر البورصالي كان أحد رفاق الزعيم النقابيّ فرحات حشّاد. وقد عاشت في وسط كان يولي أهميّة كبرى للثقافة والسياسة والشأن العامّ.

تحصّلت على شهادة البكالوريا سنة 1973 وشرعت في دراسة الإجازة في الآداب الفرنسيّة ثم واصلت تعليمها العالي بجامعة باريس السابعة (جوسيو) حيث توّجته بشهادة الدراسات العليا في السيميولوجيا.

ولمّا عادت إلى تونس اضطلعت بمهمّة التدريس في معاهد مختلفة ثمّ التحقت بالتعليم العالي فدرّست اللغة الفرنسيّة في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وفي كليّة العلوم القانونيّة والسياسيّة والاجتماعيّة بتونس.

كان لنورة البورصالي، المؤمنة بالقيم والمبادئ، نشاط في مجال الصحافة والكتابة والعمل النقابيّ والنضال من أجل حقوق الإنسان. ولمّا كانت ملتزمة أشدّ الالتزام بالعمل في المجتمع المدنيّ فقد كانت عضوا في كثير من المنظّمات، كالرابطة التونسيّة لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدوليّة، والجمعيّة التونسيّة للنساء الديمقراطيّات. وكانت عضوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطيّ، وفي المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، وفي هيئة الحقيقة والكرامة التي استقالت منها تعبيرا عن رفضها لطريقة إدارتها.

لنورة البورصالي باع في المجال الثقافيّ حيث كانت عضوا في نادي الطاهر الحدّاد وتولت إدارة بعض ورشاته. ودفعها شغفها بالسينما إلى نشر مقالات في مجلّات مختصّة مثل «أفريكلتور (Afri-culture)» و«أفريسيني (Afri-ciné)». كما دعيت لعضويّة لجان تحكيم تظاهرات سينمائيّة وطنيّة مثل المهرجان الدولي سينما الهواة بقليبية وأيّام قرطاج السينمائيّة، وتظاهرات دوليّة أيضا مثل جائزة الجامعة الدوليّة للنقد السينمائيّ في المهرجان الدّولي للفلم بباري والمهرجان الدّولي للفلم بإسطنبول.

تُوفيّت نورة البورصالي في 14 من شهر نوفمبر سنة 2017.

تعاملت نورة البورصالي من سنة 1980 مع صحف ومجلاّت تونسيّة مستقلّة متنوّعة مثل «لوفار» و«حقائق» و«المغرب» فكان لها عمود خاصّ بها أو كانت مبعوثة خاصّة في الجزائر والمغرب الأقصى ومصر.

وقد أفادت من تجربتها في مجال الصحافة فأصدرت أربعة كتب جمّعت في جزء كبير منها مقالاتها. فقد عُنيت ثلاثة منها بالشأن السياسي بينما عبر آخرها عن نضالها في الحركة النسويّة.

1- في السياسة:

أ- «بورقيبة والمسألة الديمقراطية. 1956-1963» صدر باللغة الفرنسيّة في طبعتين سنة 2008 وسنة 2012 عن دار صامد ثمّ صدر مترجما إلى العربيّة سنة 2016 عن دار نقوش عربية.

هذا الكتاب الذي اهتمّ بالسنوات الثماني الأولى من الاستقلال يحاول أن يبيّن أنّ الدولة التونسيّة التي انطلقت في إصلاحات جريئة في مجالات متنوّعة، تغاضت عن المسألة الديمقراطيّة متعلّلة بالوحدة الوطنية لمواجهة الاستعمار أوّلا والتخلّف فيما بعد.

ففي سنتي 1956 و 1957 كانت الوضعيّة قريبة من التعدّديّة الحزبيّة إذ كان المشهد السياسيّ يضمّ اليوسفيين والحزب الدستوري القديم والحزب الشيوعيّ التونسيّ والزيتونيين... وكانت توجد آنذاك عديد الصحف وتتوفّر حريّة نسبيّة للصحافة. ولكن شيئا فشيئا تمّ تحييد كلّ الاحتجاجات أو تهميشها. واستعملت كلّ الوسائل من أجل أن يتمتّع الحزب الدستوري الجديد وقائده بالسلطة المطلقة.

ركّزت نورة البورصالي على خمس مسائل. فبدأت بالانتخابات الحرّة الأولى التي أفضت إلى هيمنة كليّة للحزب الدستوري الجديد بسبب القانون الانتخابي الذي تمّ اختياره. ثم اهتمت بوضعيّة الفلاڤة الذين تمّ استبعاد أغلبيتهم من دواليب مؤسسات الدولة وتهميشهم بينما أُعدم بعض من واصل منهم القتال في جنوب البلاد. ووصفت الخطوات الأولى لإنشاء المنظّمات الوطنيّة، مثل الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العامّ التونسي للشغل والاتحاد القومي للفلاحين التونسيين والاتحاد القومي للمرأة التونسيّة...، التي تمّ تحويلها إلى مجرّد دواليب تستغلّ في تنفيذ قرارات الحزب الذي انتهى به الأمر إلى فرض قيادته على كلّ الحياة الوطنيّة. وقد صاحبَ نشأةَ هذه المنظّمات تشكيلُ لجان اليقظة وإنشاء محكمة أمن الدولة. ثمّ اهتمت نورة البورصالي بالحكم الفرديّ وقضية حريّة التعبير التي أضحت بشكل آليّ مرادفة للتشويه وختمت بما يعرف بمؤامرة 1962 وإقامة حكم الحزب الواحد.

الكتاب عبارة عن لائحة اتهام ضدّ سياسة اُتّبعت ولكنّه يبرز أيضا اعترافا بالإنجازات التي تمّ تحقيقها   ويضع على رأسها بناء الدولة التونسيّة الحديثة والنهوض بأوضاع التعليم والمرأة والصحة والإدارة بالأساس.

ب-«كتاب محادثات مع أحمد بن صالح» (على نفقة الكاتبة) 2008.

هذه المحادثات التي تمّت دون مجاملة على ما ذكرت نورة البورصالي، تسترجع مسيرة رجل ترك بصمة في تاريخ تونس بعد الاستقلال ولكنّها تكشف كذلك عن إنسان ولوع بالأدب والفلسفة والشعر...

الغاية التي أعلنت عنها نورة البورصالي من هذا الكتاب تتمثّل في تحرير جملة من ذكريات أحمد بن صالح من عقالها، وإضاءة مناطق غير جليّة من تاريخ أثار جدلا كبيرا، وسماع حقائق على لسان وزير سابق كان له دور كبير في تاريخ البلاد، وسرد قصّة حياة معيشة وَقُودُها «قوة تتقدّم»...

هذه المحادثات موثّقة توثيقا جيّدا ومنجزة بدقة ممّا أتاح لنورة البورصالي فرصة طرح أسئلة بعينها والدخول في التفاصيل وأتاحت هذه المحاورات لأحمد بن صالح أن يقدّم الحقيقة كما يراها هو وأن يعرض وجهة نظره في مسائل عديدة مثل المنافسة بين بورقيبة وبن يوسف والعلاقات بين الاتحاد العامّ التونسي للشغل والحزب الدستوري الجديد وعلاقاته المضطربة ببورقيبة... ومكّنته أيضا من الحديث مطوّلا عن تجربة التعاضد والإصلاح الزراعيّ.

كانت محادثات لا مجاملة فيها ولكن تخلّلها ودّ من الكاتبة تجاه أحمد بن صالح.

ج- «الجزائر، الديمقراطيّة العسيرة. آراء صحفيّة تونسيّة حول الجزائر ما بعد أكتوبر 1988» (على نفقة الكاتبة) 2008.

هو سلسلة مقالات كتبتها نورة البورصالي خلال أربع فترات أقامت فيها بالجزائر بمناسبة أحداث سياسيّة مثلت منعرجا في السياسة الجزائريّة. فقد اندمجت الكاتبة في المجتمع الجزائريّ وحاورت سياسيين من كلّ الأطياف وشخصيات من المجتمع المدنيّ مثل عبّاس مدني، ومصطفى باشا عن أوّل حزب أمازيغيّ معترف به، وسعيد سعدي... إضافة إلى حوارات مطوّلة مع مناضلات من الحركة النسويّة.

2- في المسألة النسويّة:

أ-«تحدّي المساواة، وكتابات نسوية». نقوش عربيّة، 2012، حاز على جائزة زبيدة بشير لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) سنة 2013.

يعتبر كتاب»تحدّي المساواة، وكتابات نسوية» من أكثر مؤلّفات نورة البورصالي تعبيرا عن شخصيّتها. فقد جمع بين الثقافة والنضال. ألّفته بعد الثورة وانطلقت فيه من معاينة المواقف والتصريحات التي تثير القلق والتساؤلات حول مستقبل المكتسبات ذات الصلة بحقوق المرأة والحرّيات الفرديّة.

الكتاب يؤدي واجب حفظ الذاكرة والاعتراف تجاه تراث ثقافي وفكري واجتماعي ثريّ، ويمكّن من إحياء النقاش حول الخيارات المجتمعية.

تقدّم الكاتبة لمحة شاملة عن الكتابات النسوية في تونس والدول الإسلامية الأخرى، منذ القرن التاسع عشر. وتسلّط الضوء على الفنّ ودوره في تطور المجتمع، وتشير إلى بعض النساء من أهل الفنّ اللواتي ساهمن بإبداعاتهن أو مبادراتهنّ في هذا التطور.

جمّعت نورة البورصالي نصوصها الخاصّة وطرحت من جديد الإشكاليّة المركزيّة حول الإسلامويّة والعلمانيّة حتى لا يكون النقاش «مكبوتا في ما لا ينقال وما لا يفكّر فيه»، وقدّمت آراءها حول النسويّة والنسويّة الإسلاميّة وعبّرت عن نظرة مفعمة بخيبة الأمل تجاه الحركة النسوية في تونس. وذكرت بورقيبة وصراحته وإيمانه العميق بقضيّة المرأة ولكنها عبرت ورفَاقها عن امتعاضها من أبويّته المفرطة إلاّ أنّه تعبير مَشُوب بشعور الأبوّة تجاهه... ورَوت الآمال التي عُلّقت على 7 نوفمبر وما كان إثرها  من خيبات في ما بعد. وفي الختام اهتمّت بالنّظام الانتخابيّ وقضيّة التّناصف.

 كلثوم مزيو

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا

اقترح شخصية

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
رقم الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%