0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

صفيّة فرحات

[1924-2004]
مجالات النشاط
  • الآداب والفنون

صفيّة فرحات، هي فنّانة تشكيليّة من القرن العشرين تتجاوز إسهاماتها عملها الفنّي البحت، لتمتدّ إلى مجالات ثقافيّة أخرى. و قد كان لها الفضل في إنشاء العديد من المشاريع الثقافيّة التي ساهمت في بناء الدولة الوطنيّة بعد الاستقلال.

ولدت الفنّانة صفيّة فرحات في 8 سبتمبر 1924 في رادس، وترجع أصول عائلتها  إلى عرش جلاص بالمنطقة الكبرى المحيطة بالقيروان (وهي منطقة معروفة بالفرسان الفخورين بانتمائهم).  كان والدها محمد الفضيلي من كبار القضاة في تونس وهو  مثقّف مستنير  مصرّ  على تعليم بناته (وقد كان لصفيّة أختان) في وقت لم يكن ذلك ممارسة منتشرة. فدرست صفية فرحات في المدرسة الابتدائية الفرنسيّة في ماكسولا في رادس حيث تحصّلت على شهادة ختم  الدروس الابتدائية.

تزوجت صفيّة فرحات سنة 1944 من المناضل الكبير والسياسي التونسي عبد الله فرحات(1914-1985)، بعد وفاة والدها سنة 1942 وتمّ دلك في منتصف الحرب العالمية. الثانية وظروفها التي اتّسمت بندرة المواد ندرة حادّة. و خلال السنوات التي أمضتها بالمنزل تميزت بقدرتها الكبيرة في جميع أنواع الأنشطة اليدويّة. و في عام 1949 التحقت صفية فرحات بمدرسة الفنون الجميلة بتونس وتخرّجت فيها سنة  1952 متحصّلة على الدبلوم.

وقد وجدت نفسها منخرطة في الحركة الوطنية ومساهمة في النضال ولا سيما وأنّ زوجها كان في أغلب الأحيان غائبا أو مبعدا عن الوطن بسبب نضاله من أجل قضايا التحرير الوطني.ثم درست صفية فرحات مادّة  الرّسم في المركز المهني بنهج  النفافتة بتونس العاصمة ابتداء من سنة 1953، إلى أن تمّ تعيينها عام 1955 كأستاذة بالمدرسة الثانوية بنهج الباشا.

وبحصول تونس على استقلالها سنة 1956 عيّن زوجها عبد الله فرحات  رئيسا لديوان أول رئيس للجمهورية التونسيّة الحبيب بورقيبة (1903-2000).

وكانت صفية فرحات مرشحة بشكل طبيعي  للمساهمة بطريقتها في بناء تونس الحديثة  فأسّست سنة 1959 مجلة «فائزة» (وهي أول مجلّة تونسيّة نسائيّة جُعلت لدعم الحقوق الممنوحة للمرأة بموجب قانون الأحوال الشخصيّة الصادر عام 1957). وقد  ترأستها  و أدارتها  الى سنة 1964 وكانت تمارس من خلالها مواهبها في الرسم والتصميم الجرافيكي.

وضمن هذا الإطار ستقوم صفية فرحات برحلاتها المهمّة عبر العالم والتي ستوثق أهمّ مراحلها في كتيبات بالكلمة  والصورة  والرسم. ومن بين الرحلات رحلة سنة 1959 ضمن وفد من النساء التونسيّات والجزائريّات التي قادتها إلى كلّ من الصين وفيتنام حيث قابلت «هوشي منه»Ho Chi Minh. وانضافت الى تلك الرحلات رحلة أخرى  إلى الشرق الأوسط قادتها الى  أماكن ساحرة مثل أصفهان وبغداد ودمشق والقدس.

وفي عام 1959 التحقت صفيّة فرحات بمدرسة الفنون الجميلة لتدريس فنّ الزخرف فكانت ثاني تونسيّة تُعيّن للتدريس بهذه المدرسة المرموقة، بعد الرسام عبد العزيز القرجي (1928-2008) ولهذا فسيقودان معًا عملًا حقيقيًا للبحث الفني حول الخزف، بالشراكة مع الديوان الوطني للصناعات التقليدية، وقد  نجحا معا في خلق لغة فنّية وزخرفيّة  تونسيّة أصيلة ومستحدثة.

ومن خلال سعيها لتحقيق هذا الهدف، أسّست صفيّة فرحات بمعيّة الفنان عبد العزيز القرجي سنة 1963 شركة للخزف اسمها «زين» (Zin) كان هدفها «إعادة تفعيل الخصائص الزخرفيّة التونسيّة من خلال إعطاء  الأولوية للصناعة الحرفية المحلية». وفي إطار هاته الشراكة أنجزت صفية فرحات  مجموعة من الأعمال التي زينت البناءات العموميّة  فعكست قدرتها في أبهى صورة وكفاءتها  في الابتكار وأبرزت روحها البحثيّة  المتجلّية في إضافاتها إلى الأشكال والمواد.

وفي سنة 1964 تمّ تكليفها بخطة مديرة مساعدة لمدرسة الفنون الجميلة ، قبل أن تصبح سنة 1966 أول تونسية تدير هذه المدرسة معوضة  السيد «بيير برجول».Pierre Berjole، فقامت صحبة فريق من الأساتذة الذين أخلصوا للفنّ بإصلاح التعليم الفني بتونس بالارتقاء  بالدراسات الفنيّة الى مستوى جامعي، ولا سيما باستحداث شهادة دكتوراه في علوم الفنّ والجماليات سنة 1973.

لمّا اقتنعت صفية فرحات بإنجاز مهمّتها في رحاب مدرسة الفنون الجميلة انخرطت في مغامرة جديدة  بأن قامت بتأسيس مركز الفنون الحيّة برادس الذي فتح أبوابه  لكلّ راغب في تحمل رسالة فنّية  مهما كان سنّه ومستواه التعليمي.

وكانت صفية فرحات، إلى جانب جميع مهامّها الوظيفية، تمارس فنّها بشكل مستمرّ فتقبل بكثرة  على الرسم والزركشة، وقد ساهمت تقريبًا في جميع معارض «مدرسة تونس» التي كانت المرأة  الفنّانة الوحيدة  المساهمة فيها.

ولقد كانت صفيّة فرحات مواكبة إلى حدّ كبير للحركة العالميّة المستحدثة للنسيج في سبعينيّات القرن الماضي،  وكلّ هذا من خلال إثارة موضوعات  مستعارة من المجال الجغرافي ومن التراث الثقافي التونسي، مثل الملحمة الهلالية أو رحلة أوليس التي استوحت منها  بشكل استردادي موضوع سلسلة من مفروشاتها وزرابيها.

 

كانت صفية فرحات  تبحث عن أي عنصر من عناصر التراث، بإمكانه أن يشكّل مادة فنّية تشكيليّة أو رسوميّة، ولا تتردّد في استكشافه  ذلك العنصر لاختبار  قدراتها التعبيرية. وقد حقّقت بطريقة عملها رسوما ومجسّدات  لأعمالها قامت على خصوصيات المادة والتقنيّة وعهدت بها إلى حرفيين في فنّ الحجارة والحديد وكذلك إلى النساجات التقليديّات ومع تحوير وتعديل للصورة الأصليّة وفقا لخصوصيات المادة والتقنية  التي تجلت من خلال هدا الانجاز.

وفي 7 فيفري 2004 وبعد مرض ألمّ بها توفّيت صفية فرحات تاركة آثارًا تشرّفها في نهضتها الحديثة وتأليفها الهادئ الرصين بين الأصالة والمعاصرة.

 

عائشة الفيلالي

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا

اقترح شخصية

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
رقم الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%