" أعزائي المشاهدين.. طابت أوقاتكم جميعا » هي الجملة الافتتاحية التّي عوّدت بها مقدمة البرامج التلفزيّة او مذيعة الرّبط الرّاحلة سلوى العيّاشي جمهورها منذ إطلالتها ذات مرّة في بداية السّبعينات مع ميلاد التلفزة.
هي ذاكرة التّلفزيون التّونسي وإحدى نجمات الزّمن الجميل ، ساهمت بشكل أساسي وكبير في دعم أسس الإعلام المرئيّ وتطويره من خلال التقديم التلفزي والربط بين الفقرات، وما يتطلب من جهد وتركيز وثقافة وارتجال وسرعة بديهة. اعتبرت أيقونة التلفزيون وكانت صورة مشرّفة للمرأة العصريّة في زمن بناء الدّولة وتشييدها واعتبرت قدوة لجيل من الفتيات تربين على القيم والجمال والرقي والأناقة .
ولدت سلوى بنت مصطفى الخيّاطي يوم 3 أكتوبر 1950 والدتها منجيّة الشّاوش وأخواتها شريفة وفيصل وخديجة. توّفي والدها قبل ميلادها بأشهر قليلة فقامت والدتها بدور الأب والأمّ في نفس الوقت، وكرّست حياتها من أجل تربية أبنائها، فكان سلاحها العلم والصبر والمثابرة.
ثم تزوّجت مرة ثانية من السيد مولدي المغيربي ( عم أحمد المغيربي نجم الملعب التونسي وأحد عمالقة كرة القدم التونسية) وأنجبت منه فاطمة ومنيرة ومحمد.
عاشت سلوى في بيئة تنبض رقيّا ما بين الفنّ والرّياضة ، زاولت تعلّمها في المدرسة الإبتدائية بباردو والثانويّة بمعهد قرطاج قبل أن تتحوّل إلى معهد نهج روسيا حيث اجتازت الجزء الثاني من شهادة البكالوريا ( النظام القديم) ونجحت بامتياز شعبة الآداب التحقت بالجامعة لتدرس التّاريخ والجغرافيا قبل ان تبدأ رحلتها مع الصندوق العجيب أو ما كان يعبّر عنه بالشّاشة الصغيرة.
في منتصف الستينات كانت تونس تعيش مرحلة تحديث المجتمع وبناء الدّولة وتأثيث مشهدها الإعلامي، وكانت الإذاعة التّونسيّة في أوج تألّقها سواء من حيث البرامج الإذاعيّة ذات الصبغة الاجتماعيّة أو الأدبيّة أو الترفيهيّة أو التمثيليّة وكان على رأس الإذاعة والتلفزة آنذاك المرحوم محمد مزالي الذّي ساهم مساهمة كبرى في دعم نجاح الإعلام الإذاعي وكان السّبب في تسريع انطلاق البث التلفزي بتعليمات من الزّعيم الحبيب بورقيبة وكان من أشدّ المتحمّسين لهذا المشروع.
مع تأسيس التّلفزة التّونسيّة أصبحت الصورة لها متطلّباتها بعيدا عن الشكل الإذاعي المعتاد فكان لزاما البحث عن وجوه نسائيّة أُطلق عليهنّ اسم المذيعة التلفزية، وكان السؤال المطروح :
من هي المذيعة التلفزيّة التّي تعتبر ناجحة ؟ فهل يكفي أن تكون لها ابتسامة جميلة او شعر أشقر ليُحكم عليها بأنّها الأفضل ؟
كانت المهمّة صعبة في البداية لإيمان الجميع بأنّ المذيعة هي أكثر من شعر جميل وعينين مرحتين وأسنان بيضاء وابتسامة حلوة، بل قبل كل شيء هي ضيفة ستدخل البيوت كل ليلة لتحدّث العائلات وتفرض عليهم ذوقها في حديثها ومن خلال لباسها وتسريحة شعرها وزينتها وحتّى حركاتها، وبالتالي فإنّها قد تؤثر في تصرفات كل فتيات جيلها وذوقهنّ وهو ما يزيد في دقّة عمل المذيعة التلفزية.
1965 تمّ إطلاقُ مناظرة لاختيار الوجوه النّسائيّة الأكثر كفاءة، وكان عدد المترشّحات قارب المائة اللّواتي خضعن لاختبارات كتابيّة وشفاهيّة، ولكن لم يتمّ اختيار إلا ثمانية فقط بعد ذلك تمّ اجراء اختبار ثان ليتمّ الاحتفاظ بأربع مذيعات ربط وهن "نزيهة المغربي" و"وحيدة بالحاج" و"نبيهة بن صميدة "و"عفيفة بن عاشور " كمذيعة ناطقة بالفرنسيّة .
كانت التجربة الأولى للبثّ التّلفزي في غرّة أكتوبر 1965 ودامت ساعة وربع وأوكل إلى نزيهة المغربي مسؤولية الإعلان الرّسمي عن ميلاد التّلفزة التّونسيّة وكان البثّ على المباشر بحكم افتقار التلفزة إلى الإمكانيّات التّقنيّة للتسجيل، ومن الطرائف أنّ الصورة ظهرت لأوّل مرّة مقلوبة فتمّ تدارك الأمر في اللحظات الأولى وانقطع البثّ لتعود الصورة من جديد باعتذار من المذيعة بجملتها الشهيرة "مشاهدي الكرام نعتذر لحضراتكم عن هذا الانقطاع الناتج عن خلل فنّي خارج عن نطاقنا " وأصبحت بعد هذه الحادثة الطريفة تلقبّ نزيهة المغربي بـــــــ"سيدة الاعتذار Madame excuse " وظلّت هذه الكُنية تلازمها فترة من الزمن.
ثمّ تلت هذه التجربة الأولى تجربة بثّ ثانية يوم 29 أكتوبر 1965 استمرّت هذه المرة ساعتين وربع ثمّ تواصلت المحاولات التّجريبية وفي كل مرّة يتمكّن سكان تونس العاصمة وضواحيها من مشاهدة عروض مباشرة في الموسيقى والمسرح. وقد لاقت هذه التجارب استحسان النّاس لتكون دافعا مشجعا للكفاءات التّونسيّة الشابة العاملة بالتلفزة التونسية والّتي كسبت الرّهان رغم قلّة الإمكانيات.
وانطلاقا من جانفي 1966 أصبح البثّ التجريبيّ أكثر انتظاما وبدأت الصّحافة التّونسيّة في نشر الشّبكة البرمجيّة للتلفزة التّونسيّة بالتوازي مع شبكة التلفزيون الإيطالي.
في 31 ماي 1966تمّ الافتتاح الرّسمي للتلفزة التّونسيّة تحت تسمية (إ ت ت ) أي الإذاعة والتّلفزة التّونسيّة. وألقى الرئيس الحبيب بورقيبة خطابا قيّما عبر فيه عن انتظاراته من التلفزة في مجالات التوعية الاجتماعيّة ونشر الثقافة بين الجماهير وكان حضوره دعما قويّا لجهود إدارة التلفزة التّي شرعت في البحث عن الكفاءات على صعيدي التقنية والإخراج وفي تكوين إطارات جديدة في المعاهد الأوروبية المختصة .
في سنة 1967 أي بعد سنة واحدة من ولادتها أصبحت التّلفزة التّونسيّة تبثّ لمدّة ثلاث ساعات البرامج يوميّا، اثنين منها باللّغة العربيّة والأخرى باللّغة الفرنسيّة.
كانت سلوى الخيّاطي مثل أيّ طالبة في الجامعة تحلم بالتخرّج لتلتحق بسوق الشغل لتبني مستقبلها ولترضي عائلتها، وكانت طبعا أقصى طموحاتها دخول مجال التدريس إلى أن اكتشفت بالمصادفة الإعلان عن مناظرة لاختيار مذيعات ربط في التلفزة تحت شعار " البحث عن ابتسامة جديدة في التلفزة " وكانت تتوفّر فيها الشروط المطلوبة ( الأكاديميّة والجماليّة ) فقرّرت أن تخوض المغامرة وأن تكتشف العالم السّحري للتلفزة خاصّة وأنّ مذيعات الرّبط اللّواتي سبقنها قد خلقن صورة مثاليّة عن المرأة في التلفزة وأصبحن نجمات الشاشة الصغيرة بامتياز باعتبار ظهورهنّ اليوميّ على مدار البثّ التّلفزيّ قبل أيّ منوعة وبعد أي برنامج سواء كان ترفيهيّا او أدبيّا أو رياضيّا أو موجّها للأطفال .
تقدّمت الأحد 18 أكتوبر 1970 لاجتياز الاختبارات الأولى مع مائة وخمسين مترشّحة فنجحت بامتياز، وكانت من بين الأربعين فتاة المختارات فتمّت دعوتها لاجتياز مناظرة ثانية يوم الأحد 15 نوفمبر 1970 ونجحت أيضا لتكون من بين العشرة فتيات اللّواتي سيجتزن التّربص التطبيقيّ وتمّت دعوتها للمشاركة تربّص هو الأصعب، ودام عشرة أيام .
وخلال هذه الفترة عاشت لحظات من المتعة والخوف والتّرقّب وتمكّنت خلالها من تعلمّ أبجديات التّقديم الإذاعيّ والتلفزيّ من حيث السّكون وفترة التنفّس وتفخيم الحروف وترقيقها والتعوّد على الكاميرا . وفي فترة وجيزة استطاعت أن تلفت الانتباه إليها لما لها من كاريزما في الحضور، ومن سلامة في النّطق إضافة إلى جمال الشّكل والمظهر الخارجي المحتشم والهدوء الذّي ميّز إطلالتها .
وفي الأخير كانت فرحتها لا توصف وحلمها قد تحققّ باختيارها ضمن المجموعة المتبقيّة فنجحت مع " فكرية الغربي " و"وصفية شيتة" وهكذا ضمّنت حضورها لتكون زميلة جديدة لنجمات التقديم التّلفزي اللّواتي يعوّل عليهنّ في إبراز صورة تونس الجديدة والجميلة وفي بناء صرح إعلامي يبشّر بكل خير .
عشقت سلوى الأضواء وكواليس الكاميرا وبدأت في خوض المغامرة تدريجيا وأصبحت بمرور الزّمن متمكّنة من خفايا التّقديم التّلفزي وأسراره وزال عنها كل رهبة أو خوف، وأحسّت بأنّ عالم الأضواء والإعلام عالمها الذّي خلقت من أجله.
وفي منتصف السّبعينات اكتشفت سلوى في كواليس التلفزة، بأنّ أحد أفراد عائلتها مصوّر تلفزي "كاميرامان" تابع للطاقم الرئاسي للرئيس الحبيب بورقيبة وهو الإعلامي خُبَيب العيّاشي وكانت لحظة فارقة في حياتها إذا حباها خبيب بعنايته واكتشفت معه عشقا جديدا للإعلام التلفزي وتواصلت العائلات مع بعضها البعض لتتّوج العلاقة بالزّواج الذّي كان سندها في العمل التلفزي .
أصبحت تلقّب رسميّا بسلوى العيّاشي وتأقلمت مع الصّعوبات التّي كانت تعترضها في عملها والتّي تطلّبت منها مجهودات وتضحيات مثل العمل في ساعات متأخرة من اللّيل وفي أيّام العطل والمواسم والأعياد وفي وقت يكون فيها الجميع في راحة تامّة تكون هي بعيدة عن الأسرة وعن العائلة وخاصّة في رمضان وفي لحظات الإفطار .
كما تعايشت مع ظروف الإنتاج كما هي منذ ان كان التصوير في استوديو واحد
وكانت شاهدة على تصوير عديد الأعمال الدرامية التّي كان يُطلق عليها اسم " الرواية " آنذاك ” أم تراكي ناس ملاح” ، “هناني و حميداتو“، “في دار خالتي شعلالة“.. ثم واكبت التنوع التدريجي في الأعمال الفنّية مثل مسلسل “سارة” سنة 1972 المتكوّن من 15 حلقة والذّي شكّل منعطفا هامّا في تاريخ الدراما بما أنّه أوّل تجربة تونسيّة متكاملة ليفتح باب الإنتاج على مصراعيه أمام المبدعين على الرغم من الصعوبات التّي واجهتها وبرزت أعمال متميّزة لمخرجين كبار مثل الهادي بسباس، علي منصور، محمد الحاج سليمان، منصف اللطيّف …وغيرهم ممن تركوا بصمتهم على الدراما التّونسيّة وصاغوا خصوصيّتها.
سنة 1976 بدأت التّلفزة التّونسيّة في إنتاج برامجها بالألوان وأصبح التقديم التلفزي عشقها أكثر فأكثر، وكيف لا وقد، أصبحت نجمة التلفزيون ونجمة العائلة كذلك فقرّرت أن تطوّر من نفسها ومن ملكاتها الفكريّة وأن توسّع من دائرة معارفها لإيمانها بأن النجاح لم يعد يقتصر على العناصر الجمالية والرشاقة في الحركة وفي خفة الرّوح بل يتعدّاها إلى الثقافة الشاملة والمتنوعة للمذيعة التلفزية لتصبح قادرة في المستقبل على القريب تقديم المنوّعات وإدارة الحوارات أسوة بالمذيعة المصرية النّجمة ليلى رستم التّي شدّت أنظار المشاهدين ليس في مصر فحسب، بل في لبنان وفي تونس لما لها من ثقافة عامّة شاملة وكاريزما في التقديم ومن تلقائيّة من ثقة بالنّفس .
في 12 جوان 1983 عاشت تجربة جديدة وهي تعزز المشهد الإعلامي في تونس بإطلاق قناة تلفزية ثانية ناطقة بالفرنسية والتّي أطلق عليها اسم (إ ت ت 2) وكانت ثمرة تعاون بين تونس وفرنسا وقد تغيّر اسم القناة الرسمية أيضا ليصبح
(إ ت ت 1)
في نهاية الثّمانيات ومطلع تسعينات القرن الماضي تطوّر المشهد الإعلامي بشكل كبير وتعدّدت الإنتاجات وتفتّحت تونس على الأعمال السوريّة وكان لزاما على إدارة التلفزة مسايرة النّسق السريع للتطّور الحاصل في المشهد الإعلامي، فكانت في كلّ مرّة تقوم بعديد التّغيرات على مستوى البرمجة شكلا ومضمونا ولم تستثن التقديم والربط بين الفقرات .
ومن باب التّنوع ولإدخال نفس جديد على الصّورة التلفزيّة تمّ استقدام وجوه جديدة كمذيعات ربط يتداولن على مختلف البرامج المقدّمة على سبيل الذكر لا الحصر سامية المغربي، وبيّة الزردي وكوثر البشراوي، ودعد حمادي في فترات متباعدة . وايمانا من الإدارة بخبرة من سبق من نجمات مذيعات الربط التلفزي القدامى تمت دعوتهنّ للمشاركة في عملية تقديم البرامج الدسمة ليخرجن من دائرة الربط بين الفقرات إلى دائرة البرامج التلفزية إعدادا وتقديما، فكان نصيب سلوى العياشي تقديم مجلّة التّلفزة في أسبوع حيث كانت تشرف بنفسها على كل صغيرة وكبيرة لتقديم برامج التلفزة وفقراتها بطريقة سلسة ولبقة وظلّت كذلك لمدة مواسم عديدة .
في الأثناء بدأت تتلقى دعوات تنشيط الحفلات وكانت هذه التجربة مهمّة في مسيرتها مكّنتها من اعتلاء المسارح ومواجهة الجمهور العريض الذي يستقبلها في كلّ مرّة بالترحاب والتصفيق .
ويذكر أنّها سافرت ذات مرّة مع مجموعة من الفنّانين لتقديم حفل فنّي في المغرب بحضور الملك الرّاحل الحسن الثاني وكانت من المفروض أن تظلّ وقتا أطولا ولكن أخبروها أنّ والدتها مريضة وفي حالة حرجة فعادت مسرعة وتمكّنت من وداعها في اللّحظات الأخيرة .
آمنت سلوى العيّاشي بقيمة العمل التّطوعيّ، وبالمساعدات الإنسانيّة، فشاركت مع عديد المنظمات الخيرية لجمع التبرّعات وتقديم المساعدات للعائلات المعوزة في مواسم العودة المدرسية والأعياد الدينيّة، كذلك واعتادت زيارة المرضى ومتابعة حالاتهم وكرّست أغلب وقتها في الأعمال التّطوعيّة من أجل إسعاد الآخرين .
سنة 2010 ، تمّت إحالتها على شرف المهنة فواصلت أعمالها الخيرية متمتّعة بتفرّغها ولكن فجأة بدأت تشعر بالتعب وبالإرهاق والإغماء في بعض الأحيان حتى اكتشفت إصابتها بالمرض الخبيث. وبالرغم من صدمتها الكبرى وصدمة العائلة إلاّ أنّها لم تستسلم بل آمنت بقضاء الله وقدره وخضعت للعلاج القسري دون أن تفقد روح التطوّع مع الفريق الذي يشتغل معها .
انطلقت في رحلة الكيمياوي القاسية والأشعّة المدمّرة ثم أجبرت على الركون إلى الراحة فترات وفترات وفي كلّ مرّة تشعر فيها بالتّحسن تعود من جديد لزيارة المرضى والسؤال عن أحوالهم و عن احتياجاتهم .
وفي مطلع سنة 2016 أطلقت سلوى العيّاشي حملة تبرع استثنائية من أجل جمع ألف حذاء شتوي Bottes من أجل العودة المدرسية لأبناء الجهات المحرومة خلال الفصل الشتاء القاسي .
وتجنّد فريق العمل من أجل تحقيق هذا الرقم القياسي وكانت بالرغم من مرضها تتابع عملية الجمع وتدعو الله في سرّها أن تتمكّن من إسعاد الأطفال قبل حلول الشتاء، ولكن قدر الله ما شاء فعل، فقد وافتها المنيّة يوم الأحد 23 أكتوبر 2016 دون أن تعيش لحظة توزيع المساعدات ، لتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي ويهتزّ لها الوسط الإعلامي وجميع الفئات الاجتماعية التي لامست كرمها وطيبة أخلاقها ومحبّتها للنّاس وبكاها البعيد قبل القريب ويذكر أن جنازتها كانت حديث الساعة وحضرها عديد الشخصيات والوجوه المعروفة الذين صدموا لخبر وفاتها خاصّة من الجيل الذّهبي الذّي عاش أجمل وأحلى فترات تأسيس التلفزة التّونسيّة وكذلك من المواطنين ومن المتطوعيّن ومن المنظمات الإنسانيّة.
وللفقيدة ابن يعيش في الكندا منذ فترة طويلة ومتحصّل على الإجازة في التسويق وابنة متحصلة على الإجازة في التّجارة الدّوليّة.
شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية