0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

إيفات حدّاد

[1901- 1998]
مجالات النشاط
  • العلوم التجريبيّة والطبيّة

إيفات حدّاد هي أوّل امرأة من تونس ومن المغرب العربي تتحصّل على دبلوم صيدلة في 1925، وتفتح صيدلية في حلق الوادي سنة 1927.

ولدت إيفات حدّاد في 20 ديسمبر 1901 في تونس العاصمة، وهي الكبرى في عائلة مكونة من 9 أطفال، كان لها تأثير قويّ للغاية عليهم وعلى الخيارات المهنية للبعض منهم.

أكملت إيفات دراستها الابتدائية والثانوية بمعهد نهج روسيا للفتيات (Lycée Armand Fallières) في تونس العاصمة ، حيث حصلت على  البكالوريا بتفوق عام 1918.

لم تكن إيفات حدّاد تلميذة ذكية وقوية الإرادة فحسب، بل كانت فتاة تدرك التزاماتها تجاه أشقائها الصغار وتحرص على أن تكون قدوة لهم. بجانب دراستها الابتدائية والثانوية التي أنجزتها بتفوق ونجاح باهر، تلقت إيفات حداد، منذ صغر سنّها، تكوينا أكاديميّا صلبا في الموسيقى وتدريبا مكثفا على العزف على البيانو (شهادة شفوية لابنتها بالتبني الأستاذة ليا حداد الطيب).

في نهاية الحرب العالمية الأولى، توصلت إيفات حداد إلى إقناع والدها بالسماح لها بالذهاب إلى تولوز بفرنسا لمواصلة دراستها. ممّا خول لها التسجيل في كلية الصيدلة بهذه المدينة حيث بقيت من عام 1919 حتى تخرجها عام 1925.  وأثناء دراستها العليا، استمرت في ممارسة العزف على البيانو، وتحصلت على الجائزة الأولى من معهد تولوز للموسيقى.

ولدفع تكاليف دراستها، عملت إيفات حداد قيّمة في مدرسة ثانويّة كاثوليكيّة خاصّة. وهناك تعرفت على فتاة مسيحية أصبحت فيما بعد صديقة حميمة لها. وعندما قررت هذه الفتاة اعتناق المذهب الكرملي، لم تتردد إيفات حداد، لانفتاحها وتسامحها، في الحضور لموكب أدائها القسم وارتدائها الحجاب الديني (شهادة شفوية لابنتها بالتبني).

وعند عودتها إلى تونس عام 1925، واجهت مقاومة شديدة من محيطها المحافظ، الذي لم يكن يثق بقدرات المرأة وبالعلوم الصيدلية، إذ كان يعتبرها مجرد عطار.«apothicaire» وبالرغم من ذلك، فتحت إيفات حدّاد سنة 1927، صيدليتها الواقعة في شارع فرانكلين روزفلت (شارع شارل ديغول سابقا) بحلق الوادي، ليتحقق حلمها وتصل إلى هدفها، وتصبح بذلك ثاني صيدلي بهذه الضاحية بعد صيدلي إيطالي متخرج من باليرمو. وهكذا أصبحت إيفات حداد أول خريجة تونسية في الصيدلة تمارس المهنة في بلادها. علما بأنّ ثلاث خريجات، اثنتان إيطاليتان والثالثة روسية، قد فتحت في نفس الفترة صيدلياتهن في تونس العاصمة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ مهنة الصيدلي، في ذلك الوقت، كانت تتطلب مهارة كبيرة إذ أنّ الأدوية لم تكن تباع جاهزة بل تستوجب التحضير في الصيدلية نفسها، «فعندما تطلب دواءً للسعال، على سبيل المثال، لا تأخذه على الفور، بل كان على الصيدلي نفسه تحضير الخليط المطلوب» (شهادة شفوية لصديق العائلة جورج طيبي).

ويقول السيد جورج طيبي الذي قضّى طفولته في حلق الوادي: «بما أننا كنا أصدقاء مقربين من عائلتها، كلفت إيفات حداد والدي، بصفته محاسبا، بمراجعة حسابات الصيدلية في أيام الأحد، فكنت أرافقه إلى هناك مما مكنني من التعرف عليها مبكّرا ، وأتذكر أنّه لم يكن من السهل التواصل معها، فقد كانت، على عكس شقيقاتها، لا تتكلم كثيرا بل تفعل. كانت سيّدة حديديّة تتحكّم في كلّ شيء، ولكنّ أشقاءها الآخرين كانوا يقابلونها بالاحترام ولا يعارضها أحد منهم بل كانت قدوة ونموذجًا لهم حتى في دراستهم وتخصصهم». فقد درس شقيق لها الصيدلة في تولوز وفتح بعد تخرجه صيدلية في نابل ثمّ في تونس، وعمل آخر في قطاع الأدوية، بينما تدربت أختاها  الصغريان على يديها كمعدّتين في الصيدلة.

لم تؤثر إيفات حدّاد في إخوتها فحسب، بل إنّها تصرّفت باعتبارها رئيسة حقيقيّة للعائلة،  وكانت تساعد جميع أفرادها، حتى أنها عندما توفّي أحد أشقائها تاركًا وراءه طفلة صغيرة في سنّ الرابعة تبنتها إيفات وقامت وشقيقاتها بتربيتها لتكون وريثتهن الوحيدة.

ومن خصال إيفات حدّاد الأخرى إنسانيّتها، إذ كانت، في كثير من الأحيان، تعطي الأدوية لمن لا يستطيعون شراءها من العائلات الفقيرة في حلق الوادي، وكانت تخصّ بالمساعدة تلك التي لها أطفال ناجحون في دراستهم.

رفضت إيفات حداد، الأخت المتحكمة والطيبة في الآن نفسه، الزواج الذي كانت تعتبره مؤسسة مقيّدة للحرية، وربما أيضًا لأنّه لم يكن من السهل في ذلك الوقت على امرأة حرّة ومتعلّمة، العثور على زوج متفهّم ذي صدر رحب  وفكر متحرّر.

«ظلت إيفات حداد طوال حياتها من عشاق الموسيقى. تستمع إلى الكلاسيكية منها، وكثيراً ما كانت تحضر الحفلات الموسيقية التي تقام في المسرح البلدي بتونس» (شهادة شفوية لابنتها بالتبني).

في عام  1983 تقاعدت إيفات حداد وغادرت العمل في صيدليتها في حلق الوادي1 واستراحت استراحة المحارب بعد عمر حافل بالعمل والبذل والعطاء وحياة زاخرة بحبّ الفنّ وحبّ العائلة... وفي 19 نوفمبر 1998 توفّيت هذه السّيدة الكريمة في قرطاج ودفنت بمقبرة «بورجل» في تونس العاصمة.

 

آمال القعّيد (بن عمّار)

 

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا

اقترح شخصية

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
رقم الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%